(63)
سورة الصَّفّْ = أحمَد (ص)
بإِسمِ ذاتِيَ القُدسيّ الإلـٰهيّ المُستَجِمِع لِجميعِ صفاتِ الكمالِ و الجَمالِ و الجَلالِ و بإسمِ رحمانيَّتيَ الشّامِلَةِ و رحيميَّتيَ الخاصَّةِ بالمُؤمنين اُوحي :
قَدَّسَ اللهَ و نَزَّهَهُ عن كُلِّ نَقصٍ و عَيْبٍ بِلِسانِهِ التَكوينيّ كُلّ ما في السماواتِ و ما في الأرضِ مِن مَوْجُودٍ فَهُوَ العزيزُ الّذي أوجَدَهُ و كَوَّنَهُ و الحكيمُ الّذي صَنعَهُ و دَبَّرَ شُؤونَهُ ،
يا أيّها الّذين آمَنوا بِلِسانِهم ظاهِراً لِماذا تُنافِقونَ و تَقولونَ بِألسِنَتِكُم ما لا تفعَلونَهُ مِنَ البِرّ عَظُمَ كُرهاً و بُغضاً عندَ اللهِ أن تقولوا و لا تَفعَلون ،
و أمّا المُؤمِنونَ المُجاهِدونَ يَفعَلونَ بِما يَقولونَ و إنَّ اللهَ يُحِبُّ عليّاً (ع) و شيعَتِهِ الّذين يُقاتِلونَ في سبيلِهِ صَفّاً أَمامَ أعداءِ اللهِ كأنَّهُم بُنيانٌ مُحْكَمٌ بالرِّصاص ،
و تَذَكّروا إذ قالَ موسيٰ بنُ عِمرانَ لِبَني إسرائيلَ يا قومي لِماذا تَعصونَني و تُؤذونَني و أنتُم حَتماً تَعلَمون أنيّ رَسولُ اللهِ إليكُم بِمُعجِزاتي و آياتي ،
فَلَمّا عَدِلوا عَن طاعَتِهِ وانحَرفوا حَرَّفَ اللهُ قلوبَهُم عَنِ الحَقِّ و اللهُ لا يهدي القومَ المُرتَكِبينَ لِلإثمِ و الفُسوقِ و المَعاصي ،
و تَذَكّروا إذ قال عيسيٰ بنُ مريَمَ المَسيحُ (ع) مُخاطِبُهُم يا بَني إسرائيلَ بالتأكيدِ إنّي رسولُ اللهِ إليكُم بِرِسالَةِ الإنجيلِ مُصَدِّقٌ لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِن رِسالَةِ موسيٰ والتَّوراة ،
و رسولُ اللهِ إليكُم مُبَشِّراً بِرَسولٍ هُوَ أفضَلُ الرُّسُلِ و خاتِمُهُم يَأتي مِن بَعدي مِن نَسلِ إسماعيلَ و إسمُهُ المُبارَك أحمَد و مُحَمَّد بنَ عبدِ اللهِ بنَ عبدِ المُطَّلِب (ص) ،
فعِند ما جآءَهُم عيسيٰ بنُ مريَمَ بالدَّلائِلِ و المُعجِزاتِ عليٰ صِحّةِ دَعواهُ قال بَني إسرائيل : هذا الإعجازُ لِعيسيٰ هُوَ سِحرٌ بَيِّنٌ .
و نَسأل مُوَبِّخينَ مُستشنكِرينَ مَن هُوَ إظلَمُ مِمَّن افتَريٰ عليٰ اللهِ الكَذِبَ و قالَ لمَ يَنصِبِ اللهُ عليّاً (ع) لِلخِلافَة في حين أنّهُ يَدعُوهُ اللهُ و رَسولُهُ لِبَيْعَةِ عليٍّ (ع) و إليٰ الإسلامِ الكامِلِ بِوِلايَتِهِ ،
فذلِكَ المُفتَري هُوَ أظلَمُ النّاسِ جميعاً و اللهُ لا يَهدي القَوْمَ الظّالِمين المُنكِرين لِولايَةِ عليٍّ (ع) إليٰ طريقِ الجَنّةِ و لَعنَةُ اللهِ عليٰ الظّالِمين ،
يُريدونَ هؤلاءِ الظَّلَمَةِ لِيُطفِئوُا نورَ اللهِ بإنكارِ وِلايَةِ عليٍّ (ع) بِأفواهِهِم ،خَسِئُوا و اللهُ مُتِمُّ نورهِ بِوِلايَةِ عليٍّ وَ وُلدِهِ (ع) و لَو كَرِهَ ذلك الكافرون ،
وَ اللهُ جَلّ جَلالَهُ هو الّذي أرسَلَ رَسولَهُ مُحمّداً (ص) بالهُديٰ لِلبَشَرِيَّةِ و وِلايَةِ عليٍّ (ع) و أرسَلَهُ بدينِ الحَقِّ مَذهَبِ أهل بَيْتِهِ (ع) لِكَي يُظهِرَهُ عليٰ جميعِ الأديانِ حتّيٰ و لَو كَرِهَ ذلكَ المُشرِكونَ و ناصَبوهُ العِداء ،
يا أيّها المُسلِمونَ الّذين آمَنوا و أقَرّوا بالشَّهادَتَيْنِ هَل تُريدونَ أن أدُلّكُم عليٰ تِجارَةٍ مُربِحَةٍ تُنجيكُم مِن عَذابٍ أليمٍ في الجَحيمِ فَتَفوزون بالجَنّه ؟
فالتِّجارَةُ هيَِ أن تُؤمِنونَ باللهِ و رَسولِهِ حقيقةً فتُوالونَ أهل البَيْت (ع) و تُجاهِدونَ في سبيلِ اللهِ أعداءَهُم بِأموالِكم و أنفُسِكُم ذلِكُم الإتِّجارُ خَيرٌ لكُم مِن سائِرِ التِّجاراتِ إن كنتُم تَعلَمونَ الرِّبح !!
والرِّبحُ هُوَ أنَّ اللهَ يَغفِر لَكُم ذنوبَكُم و يُدخِلكُم جَنّاتٍ تجري مِن خِلالِها الأنهارُ المُتَنَوِّعَةُ و يُسكِنُكُم مساكِنَ فارِهَة في وَسَطِ الجَنّةِ مَعَ آل محمدٍ (ص) ذلكَ الفَوْزُ العَظيم ،
و نَتيجَةً و فائِدةً اُخريٰ تُحبّونَها و تطلُبونَها تكونُ حتميّةً في تِجارَةِ الجِهاد في سبيلِ اللهِ ضِدَّ أعداءِ آلِ مُحمّدٍ (ص) هِيَ نَصرٌ مِنَ اللهِ لِآلِ مُحمّدٍ (ص) و فَتحٌ قَريبٌ لكُم ،
وَ بَشِّر يا رسولَ اللهِ بذلكَ النَّصرُ مِنَ اللهِ و الفَتحُ القَريبُ ألمُومِنينَ المُوالينَ لِعَليٍّ أمير المُؤمِنين (ع) إن جاهَدوا في سبيلِهِ ،
يا أيّها المُسلِمونَ الّذين آمَنوا بِلِسانِهِم و قُلوبِهِم نَأمُرُكُم أمراً قَطعيّاً مَولَويّاً وُجوبِيّاً كونوا أنصارَ اللهِ وانصُروا مُحمّداً و آل مُحمّدٍ (ص)
كما قالَ عيسيٰ بنُ مريَمَ مُخاطِباً أتباعَهُ الّذينَ كانَ يُحاوِرُهُم و اُمَّتَهُ ، مَن هُمُ الّذين أنصاري لِلّهِ و لِأجلِهِ ؟ فَأجابُوهُ الحَوارِيّونَ مِن أصحابِهِ قالوا : نَحنُ أنصارُ اللهِ نَنصُرُك ،
فآمَنَت فِرقَةٌ مِن بَني إسرائيلَ بِنُصرَةِ عيسيٰ (ع) وَ كَفَرت فِرقَةٌ اُخريٰ بِتَركِ نُصرَةِ عيسيٰ (ع) ،
فأيَّدَ اللهُ وَ مَلائِكَتُهُ الحَواريّينَ الّذينَ آمَنوا بِعيسيٰ (ع) وَ نَصروهُ ضِدَّ أعداءِهِ عليٰ أعدائِهِمُ اليَهود فَأصبَحوا ظاهِرينَ عَليهِم وَ غالِبينَ وَ كذلكَ سَينصُرُ اللهُ أنصارَ آلِ مُحمّدٍ (ع) عليٰ أعداءِهِم ،
نشر في الصفحات 1375-1371 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد ألثّانی