(84)
سورة التّين
بِإسمِ ذاتِيَ الرُّبوبيّ الإلـٰهيّ المُستَجمِعِ لِجَميعِ صِفاتِ الكَمالِ و الجَلالِ و الجَمالِ و بإِسمِ رحمانِيَّتي الشّامِلَة و رحيميَّتيَ الخاصَّةِ بِمَن اُريد اُوحي إليك يا مُحمَّد (ص) :
اُقسِمُ تَعظيماً و إجلالاً و إكباراً قَسَماً بِجَبَلِ التّينِ في الشّامِ مَنَبتَ التّين و مَهبَطِ الوَحي عليٰ زَكَريّا و يَحييٰ (ع) وَ مَشهدهما وَ مدفنهما و بِسَبَبِهِما بارَكَ في التّين ،
وَ اُقسِمُ تَعظيماً و إجلالاً و إحتراماً بِجَبَلِ الزَّيْتونِ في بَيْتِ المَقدِسِ و صَخرَةِ المِعراج و الأقصيٰ و مَهبَطِ الوَحي و الإنجيلِ عليٰ عيسيٰ بنِ مَريَمِ المَسيح وَغيرِهِ و مَحَلِّ صُعودِهِ إليٰ السَّماءِ و نُزولِهِ و إقتِداءِهِ بالمَهديّ (ع) ،
و اُقسِمُ تَعظيماً و إجلالاً و تَفخيماً بِجَبَلِ سيناءَ مَحَلِّ مُناجاةِ موسيٰ بن عِمرانَ الكَليمِ مَع اللهِ و نُزولِ الألواحِ و التَّوراةِ عَلَيهِ ،
وَ اُقسِمُ تعظيماً و إجلالاً و إكباراً و إحتِراماً بِهذا البَلَدِ الحَرامِ بَلِدِ الأمنِ و الأمانِ وَ مَحلِّ الكَعبَةِ و المَطافِ و الحَجِّ و العُمرَةِ و مَوْلِدِ مُحمّدٍ و عَليٍّ (ع) و مَهبَطِ جَبرائيلَ و مَبعَثِ مُحمّدٍ (ص) ،
فَقَسماً بِها كُلَّها لَقَد خَلَقنا جِنسَ الإنسانَ و جَعلنا قِوامَهُ الرُّوحَ و العَقلَ وَأوْجَدنا فيهِ الغَرائِزِ مَعَ المَلَكاتِ الحَميدَةِ فَهُوَ في أحسَنِ قِوامٍ في الخَليفَةِ و بَيْنَ الخَلائِقِ جَميعاً فَهُوَ بِتَقواهُ يكونُ أكرَمُ خَلقِ اللهِ و أفضَلَهُم ،
ثُمَّ إنَّ الإنسان بِعِصيانِهِ و تَركِ وِلايَةِ محمّدٍ و آل محمّدٍ (ص) يكونُ مُرتَدّاً و مَردوداً مِن قُربِ اللهِ و مَردوداً مِن رَحمَتِهِ و لُطفِهِ مُتَسافِلاً إليٰ أسفَلِ سافِلينَ بَيْنَ الخلائِقِ فَيَكونُ أخسَاءَ مِنَ الوُحوشِ وَ السِّباعِ وَ يُحشَرونَ كذلِكَ ثُمَّ يُرَدّون إليٰ قَعرِ جَهنَّم ،
إلاّ أنَّنا نَستَثني مِن جِنسِ الإنسان مَن لا يُرَدّونَ إليٰ أسفَلِ سافِلينَ و هُمُ الّذين آمَنوا بِولايَةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) وَ عَمِلوا الصّالِحاتِ عليٰ سُِنَّتِهِم و هُداهُم وَ شَريعَتِهِم ،
فَلِلمُؤمِنينَ المُولِينَ لِمُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) أجرُهُم عليٰ وِلائِهِم و ثَوابَهُم عليٰ طاعاتِهِم و هُوَ أن يُحشَروا تَحتَ رايَتِهِم و يَنالوا شَفاعَتَهُم و يَدخُلوا الجَنَّةَ في زُمرَتِهِم مِن غَيرِ إمتِنانٍ عليهِم ، و غَيرُ مَنقوصٍ مِن أجرِهِم ،
فَنَسألُ المُنافِقَ المُنكِرِ لِوِلايَتِهِم تَوْبيخاً و إستِنكاراً فَما يُكَذِّبُكَ أيّها المُكذِّبُ بِوِلايَةِ مُحمّدٍ و آل محمّدٍ (ص) بِالدّين الّذي أكمَلَهُ اللهُ بِوِلايَةِ عليٍّ (ع) يَومَ غَديرِ خُمٍّ بَعدَ أن عَرفتَ أنَّكَ مَردودٌ إليٰ أسفَلِ سافِلينَ و هُم مُستَثنونَ بَل لَهُم غَيرُ مَمنون ؟؟؟ ،
ألَيسَ اللهُ سُبحانَهُ هُوَ الحاكِمُ العادِلُ يَومَ القِيامَةِ أيّها النّاسُ و هو أقضيٰ القُضاةِ بالحَقِّ فَيُجازي النّاسَ بِما يَستَحِقّونَ فَيَحْكُمُ عليٰ المُؤمِنينَ المُوالِينَ بالخُلودِ في الجَنَّةِ و يَحْكُمُ لِأعداءِهِم بالخُلودِ في النّار ؟؟؟
و كانَ رسولُ الله يَقولُ بَعدَ هذا : بَليٰ وَ أنا عليٰ ذلِكَ مِنَ الشّاهِدين ، فَوَيلٌ لِمَن يَقِفُ بَيْنَ يَدَي أحكَم الحاكِمين وَ خَصيمُهُ مُحمَّدٌ و آلَ مُحمّدٍ (ص) المَظلومين ، فَعَليٰ أعداءِهِم لَعنَةُ اللهِ إليٰ يَومِ الدّين .
نشر في الصفحات 1618-1616 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد ألثّانی