سورة الزُّخُرف
2017-02-21
سورة الجاثِيَة
2017-02-21

(42)
سورة الدُّخان

( بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ حٰم )

بإِسمِ ذاتِيَ المُستَجِمعِ لِصفاتِ الكَمالِ و الجَلالِ و الجَمالِ و رحمانيّتيَ الواسِعَةِ و رحيميَّتِيَ الخّاصَّةِ بالمُؤمنينَ اُوحي إليكَ بِرَمزِ حآء ميم النّورانيّ ،

( وَ الكتابِ المُبينِ إنّا أنزلناهُ في ليلَةٍ مُباركةٍ إنّا كُنّا مُنذِرين )

فالقرآنُ المُبينُ لِلأحكامِ والعُلومِ و العَقائِدِ الحَقّةِ إنّا أنزلناهُ بواسطةِ جبرائيل عليكَ في ليلة القدرِ المُبارَكةِ 21 رمضان إنّا كُنّا مُنذِرين بهِ أعداءَ آل مُحمّدٍ‌ (ص) ،

( فيها يُفرَقُ كُلُّ أمرٍ حكيمٍ أمراً مِن عِندنا إنّا كُنّا مُرسِلين )

ففي ليلةِ القَدرِ يُقسَمُ و يُقَدَّرُ كُلّ أمرٍ مُحكَمٍ مِنَ الأرزاقِ و الأولادِ و الأَعمارِ لِمُدّةِ سَنَةٍ كامِلَةٍ لجميعِ النّاسِ أمراً مُقَدّراً مِن عِندِنا إنّا كُنّا مُرسِلين الملائِكَةَ بها إليٰ الوَليِّ المَعصومِ لِيُمضيها ،

(‌ رَحمةً مِن ربّك إنّهُ هو السّميعُ العليمُ رَبِّ السّماواتِ و الأرضِ و ما بَيْنَهما إن كنتم موقِنين )

كلّ  ذلك رَحمةً مِنَ اللهِ ربّك لاُِمّتِك إنّهُ هو السميعُ‌ العليمُ لأِقوالِهِم و أفعالِهِم و هو رَبُّ السماواتِ و الأرضِ و ما بَيْنَهما مِنَ الخَلقِ يَتَولّيٰ شُؤونَهم إن كنتُم موقِنين بِلَيلةِ القَدر ،

( لا إلـٰه إلاّ هو يُحيي و يُميتُ ربُّكم و رَبُّ آباءِكُم الأوّلينَ‌ بَل هُم في شَكٍّ يَلعَبون )

لا إلـٰه إلاّ هو فلا تَطيعوا سِواهُ مِن وُلاةِ الجَوْر و الطّواغيت فاللهُ يُحيي و يُميتُ مَن تُطيعوهُ و هو ربّكم و ربُّ آباءِكم الأوّلين يَتَولّيٰ شؤونكم فلستُم موقِنين بَل أنتُم في شَكٍّ منهُ تَلعَبونَ بالخِلافَةِ و المُلك ،

( فارتَقِب يومَ تأتي السّماءُ بِدُخانٍ مُبينٍ يَغشي النّاس هذا عذابٌ أليمٌ )

فارتَقِب لهُم يا حبيبي يومَ تأتي السّماءُ لهُم بِدُخانٍ بَيِّنٍ يُريٰ صادِرٌ مِنَ الصّواعِقِ السّماويّةِ يَعُمُّ النّاسَ فيقولون هذا عذابٌ أليمٌ لنا مِنَ الله ، ‌

(‌رَبّنا اكشِف عنّا العذابَ إنّا مؤمنون )

و يقولون حينئذٍ رَبّنا اكشِف عنّا العذابَ السّماويَّ هذا إنّا مُؤمِنونَ مِنَ الآن بِوِلايَةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) و نكونُ مِن شيعَتِهم ،

( أنّيٰ لهُمُ الذِّكريٰ وَ قَد جاءَهُم رسولٌ مُبينٌ ثُمّ تولَّوْا عنهُ وَ‌قالوا مُعَلَّمٌ مَجنونٌ )

أنّيٰ يكونُ لهُمُ الذِّكريٰ بِصِدقٍ و قد أتمَمنا عليهِمُ الحُجَّةَ و جاءَهُم رسولٌ مُبيِّنٌ لهم عاقِبَةٌ طُغيانِهم ثُمّ تَولَّوْا عنهُ مُعرِضين و قالوا هُوَ مُعَلَّمٌ بما يأمُرُنا بهِ مِن ولايَةِ عليٍّ مِن عليٍّ نَفسُهُ و هوَ مَجنونٌ جُنَّ بِحُبِّ عليٍّ (ع) ،

( إنّا كاشِفوا العَذابَ قَليلاً إنّكُم عائِدون )

إنّا مَعَ ملائِكةِ الرَّحمَةِ كاشِفون عنكُم العَذابَ بِبَرَكَةِ محمّدٍ و آل مُحمّدٍ‌‌ (ص)‌ و نرفَعُ عنكُم المَجاعَةَ و القَحطَ بِبَركَتِهِم لكنّكم قليلاً بعدُهُ إنّكُم عائِدونَ في مُعاداتِكُم لِعَليٍّ (ع) ،

(‌يومَ نَبطِشُ البَطشَةَ الكُبريٰ إنّا مُنتَقِمون )

فَلِأنّكم عائِدون في مُعاداتِكم لمُحمدٍ و آلِهِ (ص) فَستَروْنَ يومَ بَذرِ نَبطِشُ بِكُمُ البَطشَةَ الكُبريٰ بِسيفِ عليٍّ (ع) فيَقتُل صناديدِكُم إنّا مُنتَقِمونَ مِنكُم بِعليٍّ (ع) ،

(‌ و لقد فَتَنّا قبلَهُم قومَ فرعونَ و جاءَهُم رسولٌ كريمٌ أن أدّوا إليَّ عِبادَ اللهِ إنّي لكُم رسولٌ أمينٌ )

و بالتأكيدِ إنّا اختَبَرنا قَبلَ اُمّتِكَ قومَ فرعونَ الأقباطِ و جاءَهُم موسيٰ رسولٌ كريمٌ مُكرَّمٌ و قالَ لهُم أدّوا إليَّ الطّاعَةَ يا عِبادَ اللهِ إنّي رسولٌ لكم مِن قِبَلِ اللهِ أمينٌ عليٰ الرِّسالَةِ ،

( و أن لا تَعلُوا عَليٰ اللهِ إنّي آتيكُم بِسُلطانٍ مُبينٍ و إنيّ عُذتُ بِرَبّي و رَبِّكم أن تَرجُمون )

و رسولٌ إليكُم بِأن أقولَ‌ لكُم لا تَعلُوا عليٰ اللهِ بالشِّركِ و الكُفرِ و العِصيان إنّي آتيكُم بإعجازٍ واضِحٍ بَيِّنٍ كانقلابِ العَصيٰ حَيَّةً واليَدِ البَيْضآء و غيرِهما و إنّي أعوذُ باللهِ أن ترجموني بالسِّحر ،

(‌ و إن لم تُؤمنوا لي فاعتَزِلون ، فَدَعا ربَّهُ أنّ هؤلاءِ قومٌ مُجرِمون )

و قال لهُم موسيٰ إن كنتُم لا تُؤمنون لي و لرسالتي فاعتَزِلوني جانِباً و اترُكوا مُعاداتي و مُخالَفَتي ثُمَّ دَعا ربَّهُ قائِلاً إلـٰهي إنّ هؤلاءِ قومٌ مُجرِمونَ بِطاعَةِ فرعون ،

( فَأسِر بعبادي ليلاً إنّكُم مُتّبَعون واترُكِ البَحرَ رَهواً إنّهُم جُندٌ مُغرَقون )

فأمرناهُ أن أسرِ و اخرُج عنهُم بعباديَ المُؤمنين أتباعِك ليلاً لِكَي لا يَلتَفِت فرعونَ و جنودُهُ فيَتَّبِعونَكُم واترُكِ النّيلَ بعدَ عبِورِكَ مِنهُ مُنفَرِجاً إنّهُم جُندٌ مُغرَقونَ فيهِ ،

( كَم تَركوا مِن جَنّاتٍ و عُيونٍ و زُروعٍ و مَقامٍ كريمٍ و نَعمَةٍ كانوا فيها فاكِهين )

فَكَم تَركوا بعدَهُم قومُ فرعونُ مِن بساتينَ و عيونِ المياهِ و زُروعٍ و مَساكِنَ‌حَسَنَةٌ و نَعمَةً مِنَ المالِ و البَنينَ كانوا فيها مُتفَكِّهينَ مُتَنَعِّمين ،

(‌ كذلك و أورثناها قومَاً آخَرين فما بَكَت عليهِمُ السّماءُ و الأرضُ وما كانوا مُنظَرين )

كذلك المَقامِ الكريمِ و الجنّاتِ و العُيونِ و النّعمةِ الّتي كانَت لهُم أورَثناها كلّها قوماً آخَرين هُم بني إسرائيل فما حَزَنَ عليٰ فَقدِهِم أهل السماءِ والأرضِ و لا كانوا ذُو مُهلَةٍ في العَذاب ،

(‌ و لَقَد نَجّينا بني إسرائيلَ مِنَ العذابِ المُهينِ ، مِن فِرعَونَ إنّهُ كانَ عالِياً مِنَ المُسرِفين )

و باتأكيد إنّا نَجّينا بني إسرائيل مَعَ موسيٰ مِن العذابِ الّذي يُهينُهم بهِ فرعونُ مِن قَتلِ أبناءِهم و أسرِ نِساءِهِم إنّ فرعونَ كانَ مُستَعلِياً عليهِم مِنَ المُسرِفين في تعذيبِهم ،

( و لقد اختَرناهُم عليٰ عِلمٍ عليٰ العالَمينَ و آتيناهُمْ مِنَ الآياتِ ما فيهِ بَلاءٌ مُبين )

و لَقَد اختَرنا بني إسرائيلَ لِلنّجاةِ مِن فرعونَ عليٰ عِلمٍ منّا بأنّهم آمَنوا بموسيٰ و شريعَتِهِ و آتيناهُم مِنَ المُعجِزاتِ‌ ما فيهِ إختبارٌ‌ لهُم واضِحٌ بَيِّنٌ ،‌

( إنَّ هؤلاء ليقولونَ إنْ هِيَ إلاّ مَوتَتَنا الأوليٰ و ما نَحنُ بِمُنشَرين فآتوا بآبائِنا إن كنتُم صادِقين )

إنَّ هؤلاء المُشركينَ و المُنافِقين كأبي جهلٍ و أبي سُفيانَ و حِزبَهُما ليقولونَ‌ : ألمَوتَةَ‌ إن هِيَ إلاّ مَوتَتنا الأوليٰ و ما نَحنُ بِمَبعوثين يومَ القيامَةِ ثانِيَةً فآتوا بآباءِنا إن كنتُم صادِقينَ أنّهُم سَيُحيَوْن ،

( أهُم خَيرٌ أم قوم تُبَّعٍ والّذين مِن قَبلِهم أهلكناهُم إنّهم كانوا مُجرِمين )

فآباءِ هؤلاءِ أفضَلُ مالاً و جاهاً و مِلكاً أم قومُ تُبَّعٍ مُلوكُ اليَمَن العُظَماء ؟

حتّيٰ نُرجِعَ هؤلاءِ و نَترُكَ أولئِكَ و قد أهلَكناهُم قَبلَهُم إنّهُم كانوا مُجرِمينَ و لم نُرجِعهُم ،

( و ما خَلَقنا السّماواتِ و الأرضَ و ما بَيْنَهما لاعِبينَ ، و ما خَلَقناهُما إلاّ بالحَقِّ و لكنَّ أكثَرَهُم لا يَعلَمون )

و ما خَلقتُ و أنا العَظيمُ هذِه السّماواتِ‌ و الأرضِ و ما بَيْنَهما مِن الخَلقِ لَغواً و عَبَثاً كي نَستَجيبَ لِما يَشتَهونَ و ما خَلقتُهما إلاّ بالحِكمَةِ و الجِدِّ لِيَعبدونا و لكنّ أكثَرَ المُنافِقين لا يَعلمون ،

( إنّ يومَ الفَصلِ ميقاتُهُم أجمعين يومَ لا يُغني مَوليًٰ‌ عن مَوليًٰ شيئاً و لا هُم يُنصَرون )

إنَّ يوم القيامَةِ يوم الحُكمِ الفَصلِ موعِدُهُم أجمعين فيُحشَرون فيهِ يومَ لا يُفيدُ و لا يَنفَعُ مَوليًٰ مِنَ الخُلَفاءِ عَن وَليِّهِ شيئاً في الحِسابِ و لا هُم يُنصَرونَ مِنَ العَذاب ،

( إلاّ مَن رَحِمَ اللهُ إنّهُ هو العزيزُ الرّحيمُ )

إلاّ مَن رَحِمَهُ الله مِن شيعةِ‌ آل مُحمّدٍ (ص) والمُؤمنين فإنَّ مولاهُ عليٌّ (ع) يُغنيهِ و يُفيدُهُ و يَنفَعُهُ بالشَّفاعَةِ و يَنصُرُهُ مِنَ العَذابِ إنّ اللهَ هو العزيزُ الرّحيمُ بالمُؤمنين

( إنّ شَجَرةَ الزّقّومِ‌ طعامُ الأثيمِ كالمُهلِ يَغلي في البُطونِ كغَليِ الحَميم )

بالتأكيد إنَّ شَجَرةَ الحَنظَلِ المُرّةِ في الجَحيمِ هي طعامُ الأثيمِ بِتَركِ ولايةِ آل محمدٍ (ص) و النّاصِب لِعداوَتهِم كأبي جَهلٍ و أبي سُفيانَ و حِزبَهُما و هوَ كالنُّحاسِ والرِّصاصِ المَصهورِ يَغلي في بطونِ المُنافقين كغَلي الماءِ !!

( خُذوهُ فاعتلوهُ إليٰ سَواءِ الجَحيمِ‌ ثُمّ صُبّوا فوقَ رأسِهِ من عذابِ الحَميم ذُقْ إنّكَ أنتَ العزيزُ الكريمُ إنّ هذا ما كنتُم بهِ تَمتَرون )

فيومئذٍ يُنادي عليٌّ (ع) قسيمُ النّارِ و الجَنّةِ ملائِكَةَ جهنَّمَ فَيأمُرُهُم أن يأخُذوا عَدُوَّهُ و يَجُرّوهُ إليٰ وَسَطِ الجَحيمِ ثُمَّ يَصُبّوا فوقَ رأسِهِ مِن الحَميمِ المَصهورِ فيقولُ ذُقْ إنّكَ كُنتَ العزيزُ الكريمُ بالخِلافَةِ هذا جزاءُ ما كنتُم بهِ تُجادِلون ،

( إنَّ المُتّقينَ في مَقامٍ‌ أمينٍ في جَنّاتٍ و عُيونٍ )

بالتأكيد في ذلك اليَوم إنَّ المُتّقينَ المُوالينَ لآِِل محمّدٍ (ص) يكونونَ في مقامٍ وَ مَقَرٍّ أمنٍ‌ و أمانٍ في جنّاتٍ عليٰ حافَّةِ عيونِ‌ الماءِ و العَسَل و اللَّبَن ،

( يَلبَسونَ مِن سُندُسٍ و إستَبرَقٍ مُتَقابِلينَ كذلك و زَوّجناهُم بِحورٍ عِينٍ يَدعوُنَ فيها بِكُلِّ فاكِهَةٍ آمِنين )

فَمَوالي أهل البَيْتِ (ع) يَلبَسونَ في الجَنَّةِ مِن سُندُسِ الحَريرِ و نمارِقِ الدّيباجِ فَيَجلُسونَ مُتَقابِلينَ يَتَحدَّثونَ و في هذِهِ الحالِ نُزوّجُهُم بنِساءٍ بِيضٍ واسِعادتِ العَيْنِ يَدعوُنَ الغِلمانَ أن يأتوهُم بِكُلِّ فاكِهَةٍ آمِنينَ مِن كُلّ خَوْفٍ ،

(‌ لا يَذوقونَ فيها المَوتَ إلاّ المَوتَةَ الاُوليٰ و وَقاهُم عذابَ الجَحيمِ فَضلاً مِن رَبِّكَ ذلكَ هُوَ الفَوْزُ العَظيم )

لا يذوقونَ‌ ألَمَ المَوْتِ في الجَنَّةِ فلا يَموتونَ إلاّ المَوتَةَ الاُوليٰ في الدّنيا و يَقيهِمُ اللهُ‌ عَذابَ النّارِ كُلّ ذلك فَضلاً مِنَ اللهِ لِمُوالاتِهِم آلَ محمدٍ (ص) ذلكَ هو الفَوْزُ العَظيمُ لَهُم

( فإنّما يَسّرناهُ بِلسانِكَ لَعلّهُم يَتَذَكّرون )

فَنحنُ إنّما سَهّلنا و بَيّنا هذا الأمرَ عليٰ لِسانِكَ لاُِمَّتِكَ في القُرآنِ أمَلاً مِنّا لَعلّهُم يَتذَكّرونَ أهمِيَّةَ وِلايَةَ عَليٍّ و أهل البَيْت (ع) ،

(‌ فارتَقِب إنّهُم مُرتَقِبون )

فانتَظِر يا حبيبي أن يَنالوا ما تَوَعّدناهُم بهِ كما أنّهُم مُرتَقِبونَ وَ فاتِكَ حتّيٰ يَغتَصِبوا الخِلافَةَ مِن عَليٍّ و مِن الزّهراءِ (ع) فَدَكاً .

( صَدَقَ اللهُ العَليُّ العَظيمُ )


نشر في الصفحات 1078-1074 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد ألثّانی

اشتراک گذاری :

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *