(80)
سورة الأَعليٰ
بِإسمِ ذاتِيَ العَليِّ الأعليٰ ألعَظيمِ الأعظَم و بإسمِ رَحمانيَّتِيَ الشّامِلَةِ لِخَلقي و ٰرحيميَّتيَ الخاصَّةِ بِعِباديَ المُخلِصين اُوحي إليك :
قَدِّسِ اسمَ رَبِّكَ عنِ النَّواقِص وَ سَبِّحهُ بإسمِهِ الأعليٰ في سُجودِكَ و قُل سُبحانَ رَبّيَ الأعليٰ و بِحَمدِه فَمِنهُ إشتَقَقتُ إسمَ عليٍّ وَليّي (ع) و رَبُّكَ الأعليٰ فلا يُعليٰ عليهِ شييءٌ ،
فَرَبُّكَ بِبَرَكَةِ إسمِهِ العَليِّ الأعليٰ خَلَقَ الخَلائِقَ جَميعاً فَسوّيٰ و عَدَّلَ خَلقَها بِحِكمَتِهِ تَعاليٰ ،
و هُوَ الّذي مِن إسمِهِ الأعليٰ الأعظمِ الأعَزِّ الأجَلِّ قَدَّرَ المُقَدَّراتِ و الأقدارِ منَ الأرزاقِ و الآجالِ و الأحوالِ فَقادَها لِمُقَدَّراتِها ، فَهَديٰ خَلقَهُ لِولايَةِ عليٍّ سَمِيَّهُ هِدايةً كامِلةً ،
و هُوَ الّذي بِبَركَةِ إسمِهِ الأعليٰ أخرَجَ مِنَ الأرضِ والتُّرابِ المَرعيٰ لِلدَّوابِ مِنَ الحَشائِشِ والنَّباتاتِ الطَّبيعيَّةِ ،
و بَعدَ رَعْيِ الحَيواناتِ و الأنعامِ والدَّوابِّ مِنهُ جَعَلهُ جافّاً يابِساً تَذروهُ الرِّياحُ و بَعدَ الخُضرَةِ اليانِعَة أحويًٰ سودآءَ لَوْنَها و شَكلَها ،
فَمِن فَيْضِ إسمِنا العَليِّ الأعليٰ سَنُقرِئُكَ القُرآنَ كلامَنا و وَحيَنا بِواسِطَةِ جَبرئيلَ فعِندَئذٍ بعدَ قَرائَتِهِ فلا تَنسيٰ شَيئاً مِنهُ أبَداً ،
إلاّ ما شآءَ اللهُ أن تَتَناساهُ مِنَ المَنسوخِ في القرآنِ كَآيةِ صَدَقَةِ النَّجويٰ الّتي نُسِخَت بعدَ أن لم يَعمَل بِها غَيرُ عليٍّ (ع) إنَّ اللهَ يَعلَمُ الجَهرَ المُعلَنَ مِنكُم و ما يَخفيٰ عليكُم مِنَ الأسرارِ و الخَفيّات ،
و بِفَيْضِ إسمنا العَليّ الأعليٰ نُوَجِّهَكَ بِيُسرٍ و تَوْفيقٍ لِوِلايَةِ عليّ بن أبي طالِبٍ (ع) ألسّيرَةِ والسُّنَّةِ الإلـٰهيَّةِ السَّهلَةِ اليَسرَةِ ،
فَذَكِّر بِوِلايَةِ عليٍّ (ع) اُمَّتَكَ يا رَسولَ الله إن نَفَعَتِ الذِّكريٰ بِوِلايَةِ عليٍّ اُمَّتَكَ فَتَمسَّكوا بِوِلايَتِهِ واتَّبعوُهُ و شايَعوهُ ،
فَحَتماً سَيَتذَكَّرُ و يَنتَفِعُ بِتَذكيرِكَ لَهُ مَن يَخافُ اللهَ و يَخشيٰ حِسابَهُ و عِقابَهُ و عَذابَهُ فيَتَمسَّك بِوِلايَةِ عليٍّ (ع) ،
و نُعلِمُكَ مُسبَقاً بَعدَ ما تُذَكِّر اُمَّتَكَ بِوِلايَةِ عليٍّ (ع) سَيَتَجنَّبُها كُلّ شَقيٍّ ضالٍّ مُنافِقٍ مَحرومٍ مِن سَعادَةِ الدُّنيا و الآخِرَه ،
و هذا الشَّقيُّ الّذي يَتَجنَّب وِلايَةَ عليٍّ (ع) و يَشقيٰ سَيَصليٰ بذلكَ النّار الجحيمِ المُؤلِمَةِ الكُبريٰ في جَهنَّم ،
ثُمَّ بعدَ أن يَصليٰ الشَّقِيُّ المُتَجَنِّبُ وِلايَةَ عليٍّ (ع) نارَ جَهنَّمَ فَيَخلُد فيها إليٰ الأبَد و لا يموتُ فَيَستَريحُ مِنها و لا يَحييٰ بالخُروجِ منها ،
بالتأكيدِ و التَّحقيقِ قَد أفلَحَ و فازَ مَن تَزَكّيٰ لِنَفسِهِ بمَوَدَّةِ وَ وِلايَةِ عليٍّ ابن أبيطالِبٍ (ع) و فازَ بالجَنَّةِ لا مَن تَزَكّيٰ بالفِطرَةِ فَإنَّها بَعدَ لَم تُفرَض في العيد ،
و قَد أفلَحَ مَن ذَكَر اسمَ رَبّهِ العَليّ و شَهَدَ بالشَّهادَتَيْنِ و بالشَّهادةِ الثّالِثَةِ لِعَليٍّ (ع) في الأذانِ و الإقامَةِ ثُمَّ صَلّي الفَرائِضَ بَعدَها ،
مَعَ هذا الأمر فإنّكُم يا أصحابَ مُحمّدٍ لا تُؤثِرونَ وِلايَةَ عليٍّ (ع) عليٰ الدُّنيا بَل تُؤثِرونَ الحياةِ الدُّنيا و مَلَذّاتِها و شَهَواتِها عليٰ وِلايَتِه ،
وَاعلَموا أنَّ الآخِرَةَ و نَعيمَها المَشروطَةِ بِوِلايَةِ عليٍّ (ع) خَيرٌ لَكُم مِنَ الحياةِ الدُّنيا وَ أبقيٰ لَكُم و أدوَمُ أيّها المُسلِمون ،
إنَّ هذا الّذي ذَكرناهُ هُنا بالتأكيدِ مَذكورٌ في الكُتُبِ السَّماوِيَّةِ والصُّحُفِ الإلـٰهيَّةِ الاُوليٰ المَنزَلَةِ قَبلَ القُرآن ،
صُحُفِ إبراهيمَ الخَليل (ع) ألحاوِيَةِ لِشَريعَةِ التَّوحيدِ وَ السُّنَّةِ الحَنيفيَّةِ الإبراهيميَّةِ و التَّوراة كتاب موسيٰ الكَليم (ع)
نشر في الصفحات 1480-1477 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد ألثّانی