سورة الجاثِيَة
2017-02-21
سورة الذّارِياٰت
2017-02-21

(44)
سورة الأَحقاف

( بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ حٰم )

بإِسمِ جلالَتي الخاصّ لِذاتي و بإسمِ رحمانِيَّتيَ الشامِلَةِ و رحيميَّتيَ الخاصَّةِ اُوحي إليكَ و أبدَأُ‌ بِرَمزِ حاميم النّورانيّ الّذي تَعرِفُهُ أنتَ و أهلُ بيتك (ع) ،

( تنزيلُ الكِتابِ منَ اللهِ العَزيزِ الحَكيم )

تنزيل القرآن من السماءِ إليٰ الأرضِ بواسطة جبرئيل عليه السلام هو منَ اللهِ العزيزِ في مَلَكوتِهِ ألحكيمُ‌ في سُلطانِهِ و جَبَروتِه ،

(‌ ما خَلَقنا السّماواتِ والأرضَ و ما بَيْنَهُما إلاّ بالحَقِّ و أجلٍ مُسمّيًٰ والّذينَ كفَروا عمّا اُنذِروا مُعرِضون )

ما خَلقتُ السماواتِ و الأرضَ و ما خَلقتَ الخَلقَ ما بينَهُما إلاّ بالعَدلِ و بمَوعِدٍ مُعَيَّنٍ والّذين كفَروا بولايةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) عَمّا اُنذِروا بِعقابِ تَركِهم لِوِلايَتِهم مُعرِضون ،

( قُل أَرَأيتُم ما تَدعونَ مِن دونِ اللهِ أروني ماذا خَلَقوا مِنَ الأرض )

قُل لِلمُنافِقينَ يا حبيبي : هَل نَظَرتُم إليٰ ما تدعون طاعَتَهُم مِن دونِ اللهِ مِن الخُلَفاءِ وَ وُلاة الجَوْرِ أروني ماذا خَلَقوا مِنَ الخَلقِ في الأرضِ حتّيٰ أطَعتُموهُم ؟؟؟

( أم لهُم شِركٌ في السّماواتِ إئتوني بكتابٍ مِن قَبلِ هذا أو أَثارَةٍ مِن عِلمٍ إن كنتُم صادقين )

أم إنَّ‌ لهُم شِركٌ مَعَ اللهِ في خَلقِ السّماواتِ ؟ هيهات ، و قُل لهُم يا حبيبي : إيتوني بِكتابٍ مُنزَلٍ منَ السّماءِ مِن قَبلِ القُرآنِ أمَرَكُم بِطاعَتِهِم أو مَأثورٍ مِن العِلمِ إن كنتُم صادقين في دَعواكُم !!!

( و مَن أضَلُّ مِمَّن يَدعوُا مِن دونِ اللهَ من لا يَستجيبُ لَهُ إليٰ يومِ القيامَةِ و هُم عَن دُعاءِهِم غافِلون )

فيا حبيبي لا أحَدَ أضَلُّ مِمَّن يَدعوا مَن أطاعَهُ الخَليفة مِن وُلاةِ الجَوْر مِن دونِ اللهِ و الخَليفَةُ لا يَستجيبُ لهُ كما يَستجيبُ آلَ مُحمّدٍ (ص) لِشيعَتِهِم إليٰ يومِ القيامَةِ و الخُلَفاءُ عن دُعاءِ أتباعِهِم غافِلون قَطعاً ،

( و إذا حُشِرَ النّاسُ كانوا لَهُم أعداءً و كانوا بعبادَتِهم كافرين )

و عندما يُحشَرُ النّاسُ لِلحسابِ و الجَزاءِ يوم القيامَةِ كان الخُلَفاءُ لِلأتباعِ أعداءً و كانوا بعبادَتِهم لهُم و طاعَتِهم و إتِّباعِهِم مُتَبَرِّئينَ جاهِدينَ كافِرين ،

( و إذا تُتليٰ عليهِم آياتُنا بَيِّناتٍ قال الذين كَفروا لِلحَقِّ لمّا جاءَهُم هذا سِحرٌ مُبينٌ )

و هؤلاءِ إذا تُتليٰ عليهِم آياتُنا النّازِلَة بِشأنِ آلِ مُحمّدٍ (ص) قالَ الّذين كَفروا بولايَتِهم لِلحَقِّ الّذي جاءَ بِشأنِ آل محمّدٍ (ص) هذا سِحرٌ بَيِّنٌ و ليس بِوَحيٍ !!!

( أم يَقولونَ افتَراهُ قُل إنِ افتَرَيتُهُ فلا تَملِكونَ لي مِنَ اللهِ شيئاً )

بَل إنّهم يقولونَ : إنَّ مُحمّداً افتَريٰ عليٰ رَبِّهِ هذا الكلام قُل لهُم يا حبيبي : إن كُنتُ قَد افتَريْتُهُ فأنتُم لا تَملِكونَ لي نُصرَةً مِن عذابِ اللهِ شيئاً فكيفَ أفتري عليهِ و لا ناصِرَ لِلمُفتري عَلَيْه ،

( هو أعلَمُ بما تُفيضونَ فيهِ كفيٰ بهِ شهيداً بَيْني و بَيْنكم و هوَ الغفورُ الرَّحيمُ )

واللهُ سُبحانَهُ هو أعلَمُ مِنّي و مِنكُم بما تخوضونَ فيهِ مِن الإفتراءِ والتُّهمَةِ لي و كفيٰ باللهِ شاهِداً بَيْني و بَيْنكم يوم القيامَةِ و هو الغفورُ الرَّحيمُ لِمَن تاب ،

( قُل ما كنتُ بِدعاً مِنَ الرُّسُل و ما أدري ما يُفعَلُ بي و لا بِكُم )

قُل لَهُم يا رسولَ الله أنا ما كنتُ مُبْتَدِعاً و ذُو بِدعَةٍ في الدّينِ مِن بَيْنِ الرُّسُل فلا اُدخِلُ في الدّينِ ما لَيْسَ‌ مِنَ الدّينِ و ما أدري إن لَم يُعَلِّمَنيَ اللهُ ما سَيُفعَلُ بي و لا بِكُم إن لَم تُؤمِنوا بولايةِ عليٍّ (ع) ،

( إن أتَّبِعُ إلاّ ما يُوحيٰ إليَّ وَ ما أنا إلاّ نَذيرٌ مُبينٌ‌‌ )

قُل لَهُم إن أتَّبِعُ إلاّ ما يُوحيٰ إليَّ مِنَ اللهِ في عَليٍّ و لا أفتَعِلُ مِن نَفسي شيئاً فآيَة الوِلايَةِ و التَّبليغِ و غَيرِها مِنَ اللهِ و ما أنا إلاّ نذيرٌ لكم لاُِبَيِّنَ لكُم عِقابَ تَركِ ولايةَ عليٍّ (ع) ،

( قُل أرَأيتُم إن كانَ مِن عندِ اللهِ و كَفَرتُم بهِ‌ و شَهِدَ شاهِدٌ مِن بني إسرائيل عليٰ مِثلِهِ فآمَنَ واستَكبَرتُم إنَّ اللهَ لا يَهدي القومَ الظّالِمين )

قُل لهُم هل فَكَّرتُم لو كانَ الأمرُ بولايةِ عليٍّ من عندِ اللهِ حقيقةً و أنتُم كَفرتُم بهِ و قَد شَهِدَ شاهِدٌ مِن الأحبارِ عليٰ مِثلِ ذلك فآمَنَ بولايةِ عليٍّ واستَكبَرتُم عَن وِلايَتِهِ إنَّ اللهَ لا يَهدي القومَ الظّالِمينَ بِتَركِ ولايَتِه ،

( وَ …. قالَ الّذينَ كَفروا لِلّذينَ آمَنوا لَو كانَ خَيراً ما سَبَقونا إليه )

و تَذَكَّر يا حبيبي إذ قالَ الّذين كَفروا بولايةِ عليٍّ (ع) لِلّذين آمَنوا بولايَتِهِ كسَلمانَ و أبي ذَرٍ و المِقدادِ وَ عَمّارَ و بَلالْ لو كانَ وِلاءُ عَليٍّ خَيراً ما سَبَقونا هؤلاءِ الضُّعَفاءُ إليه ،

( و إذ لَم يَهتدوا بهِ فسيقولونَ هذا إفكٌ قَديمٌ )

و هؤلاءِ المُنافِقين إذ لَم يَهتَدوا بِوِلاءِ عليٍّ (ع) فَإنّهم سيقولونَ : هذا الّذي يَقولُهُ مُحمّدٌ (ص) في عَليٍّ هو كِذبٌ قَديمٌ إفتَعَلَهُ مُنذُ إنذارِ عَشيرَتِهِ يَوم الدّار ،

( و مِن قبلهِ كتابُ موسيٰ إماماً و رَحمَةً و هذا كِتابٌ مُصَدِّقٌ لساناً عربيّاً لِيُنذِرَ الّذين ظَلَموا و بُشريٰ لِلمُحسنين )

و قولهم مَردودٌ فَمِن قَبلِ قولِ مُحمّدٍ (ص) ذُكِرَ عليٌّ في كتابِ موسيٰ التّوراة إيليا و أمَرَ موسيٰ بِوِلايَتِهِ إماماً و رَحمَةً و هذا القُرآنُ مُصَدِّقٌ موسيٰ بِلُغَةٍ عربيّةٍ ليُنذِرَ الّذين ظَلَموا بتركِ ولايَتِهِ و يُبَشِّرَ شيعَتَهُ المُُحسِنين بِولايَتِه

( إنّ الّذين قالوا ربُّنا اللهُ ثُمّ استَقاموا فلا خَوفٌ عليهِم و لا هُم يَحزُنون )

بالتأكيد إنّ الّذين قالوا ربّنا اللهُ ثُمّ استَقاموا عليٰ وِلاِيَةِ عليٍّ و أهلِ البَيْت (ع) و لَم يَنحَرِفوا عَنهُم فلا خَوفٌ عليهِم يومَ القيامَةِ و لا هُم يَحزَنون فَعَليٌّ (ع) قسيمُ الجَنّةِ والنّار .

( اُولئِكَ أصحابُ الجَنّةِ خالِدينَ فيها جَزاءً بما كانوا يعمَلون )

اُولئِكَ الشيعةُ المُؤمنونَ هُم أصحابُ الجَنّةِ غَداً خالِدينَ فيها إليٰ الأبدَ مُتَنَعِّمينَ جَزاءً لهُم بما كانوا يعمَلونَ مِنَ الإستِقامَةِ عليٰ الوِلايَة ،

( و وَصَّينا الإنسانَ بِوالدَِيهِ‌ إحساناً حَمَلَتهُ‌ اُمُّهُ كُرهاً وَ‌ وَضَعَتهُ‌ كُرهاً )

و أمرنا الإنسانَ المُكلَّفَ أن يَصنَعَ بِوالِدَيْهِ إحساناً و إطاعَةً حيثُ قَد حَمَلَتهُ اُمُّهُ و هي كارِِهَه لإزالَةِ بكارتها و مُكرَهَةً عليٰ تَحمُّلِ ثِقلِهِ أيّامَ الحَملِ وَ وَضَعتهُ كارِهَةً أوجاعَ الوَضع ،

( و حَملُهُ و فِصالُهُ ثَلاثونَ شَهراً )

و مجموعُ مُدّةِ حَملِ الإنسان و فِطامُهُ ثَلاثونَ شَهراً فأقَلُّ مُدَّةِ الحَملِ سِتّةَ أشهُرٍ و أكثَرُهُ عَشَرة كما أنَّ أكثَر الرِّضاع سَنَتانِ والزّائِدُ عليهِ مَمنوعٌ ،

( حتّيٰ إذا بَلَغَ أشُدَّهُ و بَلَغَ أربَعين سَنَةٍ )

حتّيٰ إذا بَلَغَ أكمَلُ النّاسِ و أشرَفَهُم فيهِم مُحمّدٌ (ص) أشُدَّهُ‌ و كمالَ شَرَفِهِ بالنُبُوَّةِ والرِّسالَةِ و بَلَغَ الأربعينَ سنةً مِن عُمُرهِ فَبُعِثَ بالرِّسالَةِ الخاتِمَةِ

( قالَ : رَبِّ أوزِعني أن أشكُرَ نِعمَتَكَ‌ الّتي أنعَمتَ عليَّ و عليٰ والِدَيّ )

قالَ مُبتَهِلاً إليٰ اللهَ رَبِّ أَلهِمني أن أشكُرَ نِعمَتَكَ الّتي أنعَمتَ‌ عليَّ و هيَ النَّبُوَّة والوِلايَة و العِصمَة و أنعَمتَ عليٰ والِدَيَّ آمِنةَ و عبد الله بالتّوحيد و الإيمان ،

( و أن أعمَلَ صالِحاً تَرضاهُ و أصلِح لي في ذُريّتي إنّي تُبتُ إليكَ و إنّي منَ المسلمين )

و ألهِمني يا ربّي أن أعمَلَ‌ صالِحاً‌ و عَدلاً تَرضاهُ مِنّي و أصلِح لي نَسلي في ذُريّتي و عِترَتي و أهل بَيْتي مِن فاطِمَةَ و عليٍّ (ع) إنّي تُبتُ و إليكَ مِن مُصاهِرَتي لِمُناوِئي عليٍّ و إنّي مِنَ المُسلمينَ المُوالِينَ لَهُ ،

( أولئِكَ الّذين نَتَقبَّلُ عَنهُم أحسَنَ ما عَمِلوا و نَتجاوَزُ عَن سيّئاتِهِم في أصحابِ الجَنَّةِ وعدَ الصِّدقِ الّذي كانوا يُوعَدون )

أولئِكَ الذُّريَّة لِرسولِ اللهِ هُمُ الّذين نَتَقَبَّل عنهُم أحسَنَ ما عَمِلوا مِن عَمَلٍ و نَتَجاوَزُ عن سَيِّئاتِهم و نُدخِلُهُم في أصحابِ الجَنّةِ وَفآءً لِوَعدِ الصِّدقِ الّذي كانوا يُوعَدونَ بهِ في الدّنيا ،

( وَالّذي قالَ لِوالِدَيْهِ اُفٍّ لكُما أتَعِدانِني أن أُخرَجَ وَ‌قَد خَلَتِ القرونُ مِن قَبلي ؟)

و تذكَّر يا حبيبي عَتيق بن أبي قُحافَةَ حينما قالَ لهُ أبوهُ و اُمّهُ لَئِن نِلتَ الخِلافَة لِكِبَرِ سِنّك فأنا أكبَرُ سِنّاً مِنكَ فاتَّقِ اللهَ قالَ لَهُما اُفٍّ لَكُما تَتَوعَّدانني بالنُّشورِ و قَد هَلَكت الأقوامُ قَبلي و لم تُنشَر ،

(‌ و هما يَستَغيثانِ اللهَ وَيْلَك آمِن إنَّ وَعدَ اللهِ حَقٌّ فيقول ما هذا إلاّ أساطيرُ الأوّلين )

يقول لهُما ذلك و هُما يقولان أغِثنا يا أللهُ  ألغَوْثُ ألغَوْث مِن ظُلمِ عَتيق و يَقولان لهُ وَيْلَك يا عَتيقُ آمِن بولايةِ عليٍّ (ع) فإنَّ وَعَدَ اللهِ بعَذابِ أعداءِ عليٍّ (ع) حَقٌّ فيقولُ ما هذا سِويٰ خُرافاتِ الماضين ،

( أولئِك الّذين حَقّ عليهِم القولُ في اُمَمٍ قَد خَلَتْ مِن قَبلِهِم مِنَ الجِنِّ و الإنسِ إنّهم كانوا خاسِرين )

فَعَتيقٌ و حِزبَهُ و أتباعَهُ المُنافِقين أولئِكَ الَّذين حَقَّ عليهِمُ القَوْلُ مِن اللهِ بالعَذابِ مَعَ اُمَمٍ كافرةٍ قَد هَلَكَت مِن قَبلِهم مِنَ الجِنّ و الإنسِ إنّهُم كانوا خاسِرينَ بِتَركِ ولايةِ آل مُحمّدٍ‌ (ص) ،

( و لِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمّا عملوا و لِيُوَفّيهم أعمالَهُم و هُم لا يُظلَمون )

و لِكُلٍّ مِن شيعَةِ عليٍّ (ع) و أعداؤهُ و مُناوِئيهِ دَرَجاتٌ في الجَنّةِ و النّارِ فنتيجةً مِمّا عَمِلوا في الدّنيا و لَيُوفّيهِمُ اللهُ جَزاءَ أعمالِهِم و هُم لا يُظلَمونَ في الحِسابِ و الجَزاء ،

(‌ و يَوْمَ يُعرَضُ الّذين كفَروا عليٰ النّارِ أذهَبتُم طَيِّباتِكُم في حياتِكُم الدّنيا واستَمتَعُم بها )

و يومَ القيامَةِ يُعرَض الّذين كفَروا بولايةِ آل مُحمّدٍ‌ (ص) عليٰ النّارِ قبلَ دخولِها و يقول لهُم قسيمُ الجنّةِ والنّارِ أذهَبتُم و صَرَفتُم طيّباتِكُم و مَلَذّاتِكُم في حياتِكُم الدُّنيويّةِ و تَمتَّعتُم بالجاهِ و المالِ و الشَّهوات .

( فاليومَ تُجزَوْنَ عذابَ الهوُنِ بما كنتُم تَستَكبِرونَ في الأرضِ بِغَيرِ الحَقِّ و بما كنتُم تَفسُقُون )

فهذا اليوم تُجازَون بذلكَ عذابَ الذُلِّ و المَهانَةِ بما كنتُم تَستكبِرونَ عليٰ آلِ مُحمّدٍ (ص) في الأرضِ و تَغصِبونَ الخِلافَةَ منهُم بِغَيرِ الحَقّ و بما كنتُم تَفسُقونَ فيها ،

( وَاذكُر أخا عادٍ إذ أنذَرَ قومَهُ بالأحقافِ و قَد خَلَتِ النُّذُرُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ و مِن خَلفِه )

وَاذكر في القرآن يا حبيبي هودَ النَّبي (ع) حيثُ أنذَرَ قومَهُ نزول العذاب بالأحقافِ لو لَم يُؤمِنوا و الأحقافُ مدينَتهُم في اليَمَن و قد سَبَقَتِ الرُّسُل بِإنذارِهِم قبلَهُ و بَعدَهُ لِلمُشركين ،

( ألاّ تعبُدوا إلاّ الله إنّي أخافُ عليكم عذابَ‌ يومٍ عظيم )

فقال هودٌ لِقومِهِ اُنذِرُكُم ألاّ تعبُدوا إلاّ الله و اترُكوا الأوثانَ إنّي أخافُ عليكُم نزولَ‌ العذابِ عليكُم و هلاكُكُم في يومٍ عظيمِ البَلاءِ و العِِقاب ،

( قالوا : أجِئتَنا لِتأفِكَنا عن آلِهَتِنا فَأتِنا بما تَعِدنا إن كنتَ من الصادقين )

قالوا لهُ يا هودُ هَل جِئتَنا لِتَصرِفَنا و تَمنَعَنا عن عبادَةِ صنَمِنا فأتِنا بما تَعِدنا من العذاب إن كنتَ من الصادقين في إدّعاءِ الرِّساله ؟؟؟

( قال : إنّما العِلمُ عندَ اللهِ و اُبلّغكم ما اُرسِلتُ بهِ و لكنّي أراكم قَوماً تجهلون )

قال لهُم هودٌ إنما العِلمُ بِمَوعِد نزولِ العذابِ عليكم عِندَ الله و أنا اُبلّغكم ما اُرسِلتُ بهِ إليكم مِن تَركِ الأصنامِ و عِبادَةِ اللهِ و لكنّي أراكم قوماً تَتَجاهَلونَ عن دَعوتي ،

(‌ فَلَمّا رَأوهُ عارِضاً مُستقبل أودِيَتِهم قالوا هذا عارِضٌ مُمطِرُنا بَل هو ما استَعجلتُم بهِ ريحٌ فيها عذابٌ أليمٌ )

فَلمّا رَأوا العذابَ حَسَبوهُ غيماً باتِّجاهِ واديهِم قالوا هذا سَحابٌ مُمطِرُنا قال هودٌ بَل هو ما استَعجلتُم بِطَلَبهِ عاصِفةٌ فيها مَطَرٌ الحِجارَةِ و عذابٌ أليمٌ سَيُهلِكُكُم ،

(‌ تُدَمِّر كُلَّ شَيءٍ بِأمرِ رَبّها فأصبَحوا لا يُريٰ إلاّ مَساكِنُهم كذلك نجزي القومَ المُجرمين )

و هذهِ العاصِفَةُ سَتُدَمِّرُ كلَّ شييءٍ لكُم بِأمرِ اللهِ فكذلك كانَت فَأصبَحوا أمواتاً لا يُريٰ إلا مساكِنِهم خالية كَمِثلِ‌ ذلكَ العذاب سَنَجزي القَوم المُجرمينَ التّاركينَ لِولايَةٍ عليّ (ع) أمير المؤمنين ،

( وَ لَقَد مَكنّاهُم فيما إن مَكنّاكُم فيهِ و جَعَلنا لهُم سَمعاً و أبصاراً و أفئِدَةً فما أغنيٰ عنهُم سمعُهُم و لا أبصارُهُم ولا أفئِدَتُهُم مِن شيءٍ )

و لقد مكنّاهُم في الّذي مكنّاكُم فيهِ منَ القُوّةِ و المالِ و السِّلاح و جَعلنا لهُم سَمعاً و أبصاراً و أفئِدَةً سالمين إتماماً لِلحُجّة فَما أغنيٰ عنهُم سَلامةَ سَمعِهم وَ بَصَرِهِم و قُلوبِهِم عَنِ العَذابِ من شيءٍ ،

( إذ كانوا يَجحَدونَ بآياتِ اللهِ و حاقَ بهِم ما كانوا بهِ يَستَهزِؤن )

فإذاً كانوا يَجحدون بآياتِ اللهِ‌ و بَراهينِهِ مَعَ سلامَةَ سَمعِهم و بَصَرِهِم و أفئِدَتِهم فَنَزلَ بِهِم ما كانوا يَستَهزِؤنِ بهِ مِن نُزولِ العَذابِ و هَلَكوا

( و لَقَد أهلَكنا ما حولكم من القُريٰ و صرّفنا الآياتِ لعلّهم يَرجِعون )

و بالتأكيد لَقَد أهلكنا بِعَذابِنا ما حَولَكُم من القُريٰ الظّالِمَةِ أهلُها :كثَمودٍ و عادٍ و لوطٍ فَسَنُهلِكُ أعداءَ آلِ مُحمّدٍ (ص) و شَرَحنا الآياتِ لَعَلَّ المُنافقينَ يَرجِعونَ إليٰ وِلايَةِ عليٍّ (ع) ،

( فَلَو لا نَصَرهُم الذين اتَّخُذوا من دونِ اللهِ قُرباناً آلِهَةً بَل ضَلّوا عنهُم و ذلك إفكهُمُ و ما كانوا يَفتَرون )

فَهلاّ نَصَرهُم الّذين اتَّخذوا مِن دونِ اللهِ بِزَعمِهِم قُرباناً إليٰ اللهِ آلِهَةً صَنَماً بَل عَجَزوا عَن نَصرِهِم و ذلك إدّعاءُهُم افتَضَحَ وَ ما كانوا يَفترونَ عليٰ اللهِ بأنّ الأصنامَ تُقرِّبُهم إليٰ اللهِ زُلفيٰ ،

( و إذ صَرفنا إليكَ نَفَراً مِنَ الجِنِّ يَستَمِعونَ القُرآنَ فَلَمّا حَضَروهُ قالوا أنصِتوا )

و ذَكِّرهُم إذ بَعَثنا إليكَ عِدّةَ نَفَرٍ مِنَ الجِنِّ بِبَطنِ النَّخلَةِ يَستَمِعونَ إليٰ القُرآنِ مِنكَ فلَمّا حَضَروا الإستماعَ قالَ بعُضُهم لِبَعضٍ اُسكُتوا واستَمِعوا ،

( فَلمّا قُضِيَ وَلّوا إليٰ قومهِم مُنذِرينَ قالوا يا قومَنا إنّا سَمِعنا كِتاباً اُنزِلَ مِن بَعدِ موسيٰ )

فَلمّا انتهيٰ الإستماعُ رَجَعوا إليٰ قومِهِمُ الجِنَّ مُنذِرينَ لهُم قالوا : يا قومَنا إنّا سَمِعنا مُحمّداً يَقرَاءُ قُرآناً كِتاباً اُنزِلَ مِنَ اللهِ مِن بَعدِ توراة موسيٰ (ع) ،

( مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ يَهدي إليٰ الحَقِّ و إليٰ طريقٍ مُستقيم )

و هذا الكتابُ يُصَدِّقُ لِما قَبلَهُ مِن الكُتُبِ السّماويّةِ و الرُّسُل و يَهدي الجِنَّ و الإنسَ إليٰ الحَقِّ و العَدلِ و يَهديهِم إليٰ وِلايةِ عليٍّ (ع) طريقٍ مُستقيمٍ لِلهدايَةِ ،

يا قومَنا أجيبوا مُحمّداً داعِيَ اللهِ و آمِنوا باللهِ و بولايَتِهِ يَغفِر لكُم مِن ذنوبِكم السّالِفَةِ و يُجيرُكُم بِبَرَكَةِ ولايةِ مُحمّدٍ و آلِهِ (ص) مِن عذابِ جَهنّمِ المُؤلِم ،

( وَ مَن لا يُجِب داعِيَ اللهِ فَلَيْسَ بِمُعجِزٍ في الأرضِ وَ لَيسَ لَهُ مِن دونِهِ أولياء أولئِكَ في ضَلالٍ مُبين )

و مَن لا يُلَبّي دَعوَةَ محمّدٍ (ص) داعِيَ اللهِ فَلَيْسَ بِمُعجِزٍ رَبَّهُ مِنَ الإنتقامِ مِنهُ في الأرضِ و لَيسَ لهُ من دونِ اللهِ أولياءَ يَنصرونَهُ فالّذين يُعرِضون أولئكَ في ضَلالٍ مُبينٍ ،

( أوَلَم يَرَوا أنَّ اللهَ الّذي خَلَقَ السماواتِ و الأرضَ و لَم يَعِيَ بِخَلقِهِنّ )

أوَلَم يَعلَمِ المُنافقينَ و يُفكِّروا أنّ اللهَ الّذي خَلَقَ السماواتِ و الأرضَ مِنَ العَدَمِ و لَم يَعجَز و يَكِلّ مِن خَلقِهِنّ مَعَ عَظَمَتِهِنّ ؟؟؟

( ‌بِقادِرٍ عليٰ أن يُحيِيَ المَوتيٰ ؟ بَليٰ إنّهُ عليٰ كلِّ شيءٍ قدير )

فهو يقيناً قادِرٌ عليٰ أن يُحيِيَ المَوتيٰ و يُوجِدُهُم مَرَّةً ثانِيَةً كالاُوليٰ فَليَتَفكّروا و لَيَعلَموا بَليٰ إنّهُ عليٰ كلِّ شييءٍ قديرٌ و قادِرٌ عليٰ المَعاد‌ ،

(‌ و يومَ يُعرَضُ الّذين كفَروا عليٰ النّارِ أليسَ هذا بالحَقّ ؟)

فَليَحذَروا يومَ يُعرَضُ الّذين كفَروا بولايةِ محمّدٍ و آل محمّدٍ (ص) عليٰ نارِ جَهنّمَ فيقول لهُم قسيمُ النّارِ‌عليٌّ (ع) ألَيسَ هذا العَذابُ كما وُعِدتُم حَقّاً ؟‌

( قالوا : بَليٰ و رَبِّنا قالَ فذوقوا العذَابَ بما كنتُم تَكفُرون )

فيقولون نَعَم بَليٰ إنّهُ الحَقُّ قَسَماً بِرَبِّنا كما تَوَعَّدتُمونا ، فيقولُ لهُم فذوقوا العذابَ الدّائِمَ في جَهنّمُ بما كنتُم تكفرون بِولايَتي وبالآياتِ النّازِلَةِ بِشَأني ،

( فاصبِر كما صَبَر اُولوا العَزمِ مِنَ الرُّسُل )

فاصبِر يا رسولَ اللهِ عليٰ أذيٰ المُنافِقين و تآمُرِهِم ضِدّكَ و ضِدَّ أهل بيتك كما صَبَرَ نوحٌ و إبراهيمُ و موسيٰ و عيسيٰ اُولوا الثَّباتِ مِنَ الأنبياء .

(‌ و لا تَستَعجِل لهُم كأنَّهُم يومَ يَرَوْنَ ما يُوعَدونَ لم يَلبَثوا إلاّ ساعَةً من نَهارٍ )

فإن يَستَعجِلوا بِطَلَبِ العَذابِ مِنكَ و لكنّك لا تَستَعجِل لهُم لإِتمامِ الحُجّةِ عليهِم فإنّهُم يومَ قيامِ القائِمِ عِندَ ما يَرَوْنَ ما يُوعَدوُن مِنَ العَذابِ كأنّهُم لم يَمكُثوا في الدّنيا إلاّ ساعَةً مِن نَهارٍ ،

( بَلاغٌ فَهل يُهلَكُ إلاّ القومُ الفاسقون )

هذا إبلاغٌ‌ مِنَ اللهِ إليهِم بالإنذار فَهَل يُهلَكُ بسيفِ المَهديِّ (ع) إلاّ القومُ الفاسِقونَ بِتَركِ ولايةِ آلَ مُحمّدٍ (ص) و نَصبِ العِداءِ لهُم ؟ كلاّ ؟

( صَدَقَ اللهُ العَليُّ العَظيمُ )


نشر في الصفحات 1099-1088 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد ألثّانی

اشتراک گذاری :

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *