(70)
سورة إبراهيم (ع)
بِإسمِ ذاتِيَ الحَنّانِ المَنّانِ المُنعِمِ المُفضِلِ المُجمِلِ و بإسمِ رحمانِيَّتي الثامِلَة لِخَلقي و رحيميَّتي المُختَصَّةِ بِعباديَ المُؤمنينَ اُوحي إليك :
أ رمزُ إليكَ يا حبيبي ب ألِف لام رآء – مِنَ الحُروفِ النّورانِيَّةِ الأربَعَةَ عَشَر تَستَخرِجُها بالجَفرِ الجامِعِ أنتَ و مَن عَلَّمتَهُ ،
هذا القُرآنُ المُوحيٰ إليكَ بِواسِطَةِ جبرئيل هو كتابٌ أنزلناهُ إليكَ مِنَ اللَّوْحِ المَحفوظِ لِتُخرِجَ بهِ النّاسَ مِنْ ظُلُماتِ الكُفرِ و النِّفاقِ إليٰ نورِ وِلايَةِ عليٍّ (ع) و التَّوحيد ،
و قَد كُنتَ نَبِيّاً و آدَمُ بَيْنَ الماءِ والطّينِ و كُنتَ رَسولاً مُنذُ كُنتَ صَبيِّاً و لكِن لَم يَأذَنِ اللهُ لَكَ بالبَلاغِ حتّيٰ البِعثَة فَأَذِنَ اللهُ أن تُخرِجَ النّاسَ مِنَ الظُلُماتِ إليٰ صِراطِ اللهِ العَزيزِ الحَميدِ المُنحَصِرِ في وِلايَةِ عليٍّ (ع) ،
صِراطِ اللهِ الّذي لهُ المِلكيَّةُ و الوِلايَةُ المُطلَقَةُ التّامَّةُ الكامِلَةُ الحقيقيَّةُ الذّاتِيَّةُ لِكُلِّ ما في السَّماواتِ و ما في الأرضِ فَيُوَلّي عليها عَلِيّاً (ع) مِن بَعدِك ،
وَالوَيْلُ و الثُّبورُ واللَّعنُ الدّائِمُ لِلكافِرينَ بِوِلايَةِ عليّ بن أبيطالبٍ (ع) وَما يَنالوهُ مِن عذابٍ شديدٍ في الجَحيم ،
و أولئِكَ هُمُ الّذين يُفَضِّلونَ و يُشَرِّفونَ قَلباً و عَقلاً و نَفساً جيفَةَ الحياةِ الدُّنيا و خِلافَتِها الزّائِلَة عليٰ الآخِرَة و نعيمها الدّائِم ،
و يَمنَعونَ النّاسَ عن سَبيلِ اللهِ وِلايَةِ آل مُحمّدٍ (ص) و يَطلُبونَ المَذاهِبَ مُعوَجَّةً مُنحَرِفَةً عن وِلايَتِهِم أولئِكَ في ضَلالٍ بَعيدٍ عن الحَقِّ و الهُديٰ ،
و ما أرسَلنا قَبلكَ مِن رَسولٍ إليٰ النّاسِ إلاّ كانَ الرَّسولُ مُرسَلاً بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُوضِحَ و يَشرَحَ و يُفَسِّرَ لهُم بِلِسانِهم دينَ الله ،
فَيَضِلُّ بعضُهُم فَيَتْرُكُهُ اللهُ في ضَلالَتِهِ مَن شآءَ تَركُهُ و يَهدي اللهُ مَن يَشآءُ هِدايَتَهُ إذا أرادَ الهِدايَةَ و هو العزيزُ الحكيمُ في خَلقِهِ ،
و بالتأكيدِ سَبَقَ أن أرسَلنا موسيٰ بآياتِ التَّوراةِ و المَعاجِزِ إليٰ بَني إسرائيلَ و قُلنا لَهُ أخْرِج قَومَكَ مِن ظُلُماتِ عِبادَةِ العِجلِ والشِّركِ إليٰ نُورِ التَّوحيدِ وَ وِلايَةِ هارون ،
و قُلنا لِموسيٰ : و ذَكِّر بَني إسرائيلَ بأيّامِ اللهِ يَومَ نَجاتِهِم مِن فِرعَوْن و خُروجِهِم مِنَ اليَمِّ و يَومَ دُخولِهِم فِلِسطينَ و بَيْت المَقدِس إنَّ في ذلكَ لَدِلالاتٍ إلـٰهيَّةٍ لِكُلِّ صَبّارٍ شَكورٍ منهُم ،
فَتذَكّروا إذ قالَ موسيٰ بن عِمرانَ لِقَوْمِهِ بَني إسرائيلَ اذكُروا نِعمَةَ اللهِ عليكُم إذ أَنقَذَكُم و نَجّاكُم مِن فِرعَوْنَ و حِزبِهِ و جَيْشِهِ ،
( يَسومونَكُم سؤءَ العَذابِ و يُذَبِّحونَ أبناءَكُم و يَستَحيُونَ نِسآءَكُم و في ذلِكُم بَلاءٌ مِن رَبِّكُم عَظيمٌ )
فكانوا يَجلِبونَ لكُم أسوَءَ العذابِ و يُذَبِّحونَ أبناءَكُم بَيْنَ يَدَي فِرعَون و يَهتِكونَ حَيآءَ نسآءِكُم و في ذلِكُم بَلاءٌ و إمتحانٌ مِن رَبِّكُم عظيمٌ لا يُطاق ،
و قالَ لهُم يا قومِ اذكُروا إذ اَذنَ اللهُ و أعلَمَكُم لَإن شَكرتُم نِعمَتي لَأزيدَنّكُم النِّعمَةَ و لَئِن كفَرتُم بِنِعمَتي إنَّ عذابي لَشديدٌ عليٰ ذلِكَ سَيَنالُكُم ،
و قالَ موسيٰ لِبَني إسرائيلَ إن تكفُروا بِنِعمَةِ اللهِ أنتُم و كُلّ مَن في الأرضِ مِنَ البَشَرِ جميعاً فإنَّ اللهَ لَغَنيٌ عنكُم لا يُنقِصُهُ كُفرُكُم و هُوَ مَحمودٌ عليٰ إنعامِهِ ،
و قال لهُم موسيٰ ألَم يأتيكُم خَبَرُ الّذين كانوا مِن قَبلِكم قومِ نُوحِ النَّبيّ و قومِ عادٍ و قومِ ثَمودٍ و الأقوامِ الّذين كانوا مِن بَعدِهِم كثيرونَ لا يعلَمُ أحوالَهُم إلاّ الله ؟؟؟
فَأولئِكَ الّذين كانوا مِن قَبلِكُم جآءَتهُم رُسُلُهُم نوحٌ و هودٌ و صالِحٌ و غيرهم بالدَّلائِلِ الواضِحاتِ فَرَدّوا أيديهم عليٰ أفواهِهِم يَأمرونَهُم بالسّكوتِ و قالوا لَهُم إنّا كَفَرنا بِما اُرسِلتُم بهِ مِنَ التّوحيدِ و إنّا لفي شَكٍّ مِمّا تَدعونَنا إليهِ مِن عِبادَةِ اللهِ وَ رِيبَةٍ ،
قالَت لهُم رُسُلُهُم مُستَنكِرينَ أفي اللهِ شَكٌّ و هو خالِقُ السّماواتِ و الأرضِ و مُوجِدها و مُصَوِّرُها و مُدَبِّرُها و ليسَ لَها غَيرهُ صانِعٌ ؟؟؟ ،
فاللهُ سُبحانَهُ يدعوكُم لِلإيمانِ بِهِ و طاعَتِهِ لا لِحاجَةٍ منهُ إليكُم بَل لِيُفيدكُم فيَغفِر لكُم مِن ذنوبِكُم و لا يُعَذِّبكم و يُؤخِّر حِسابكُم إليٰ أجَلٍ مُحدودٍ مُعيَّنٍ عند المَعادِ في القيامَه ،
فَأجابُوا الرُّسُل ، قالوا لستُم أنتُم إلاّ بَشَرٌ مِثلُنا لا تَمتازونَ علَينا تُريدونَ بِدَعواكُم أن تَمنَعونَنا عَمّا كانَ يَعبُدُ آباؤنا مِنَ الأصنامِ فَأتونا بِحُجَّةٍ قَوِيَّةٍ واضِحَةٍ عليٰ ذلِك ،
قالَت لهُم رُسُلُهُم جَواباً نَعَم إن نَحنُ إلاّ بَشَرٌ مِثلُكُم و لكِن مَعصومينَ يَمُنُّ اللهُ بالرِّسالَةِ و الوِلايَةِ عليٰ مَن يشآءُ هُوَ مِن عِبادِه وَ يَختار ،
و قالوا لَهُم ما كانَ لَنا أن نَأتيكُم بِبُرهانٍ و حُجَّةٍ عليٰ دَعوانا إلاّ بِإذنِ اللهِ و أمرِهِ لا بِهَوانا و عليٰ اللهِ فَليَتَوَكَّلِ المُؤمِنونَ في دَعوَتِهم ،
ثُم قالوا لهُم و ما لَنا و نَحنُ عِبادُ اللهِ المُخلِصين ألاّ نَتَوَكَّلَ عليٰ اللهِ في الإستمرارِ بِدَعوَتِنا إليٰ اللهِ و قَد أيَّدَنا و هَدانا سُبُلَنا إليهِ ،
و بالتأكيدِ و الإصرارِ لَنَصبِرَنَّ عليٰ ما آذَيْتُمونا أيّها الكُفّار مِن أذيًٰ في سبيلِ اللهِ طالِبينَ الأجرَ مِنهُ و عليٰ اللهِ فَليَتَوكَّلِ المُؤمِنونَ بالله في اُمورهِم ،
عندئذٍ قالَ الّذين كفَروا مِنَ الأقلامِ السّالِفَةِ لِرُسُلِهِم نوحٌ و هودٌ و صالحٌ و لوطٌ و غيرهم لَنُخرِجنَّكُم مِن أرضِنا إن بَقيتُم عليٰ دَعواكُم أو لَتَعودُنَّ في مِلَّةِ الكُفرِ فلا نُخرِجكُم
فَلَمّا هَدَّدوهُم أوحيٰ اللهُ إليٰ الرُّسُل يُبَشِّرُهُم بأنّهُ حَتماً سيُهلِكُ الظّالِمينَ لِلرُّسُلِ و المُعانِِدينَ لهُم و المُهَدّدينَ بِإخراجِهِم ،
و بَشَّرَهُم رَبُّهُم واعِداً إيّاهُم بِأنّهُ حَتماً سيُسكنَنَّهُم بِلادَهُم مِن بَعدِهِم ذلكَ الوَعدُ هُوَ لِمَن خافَ مَقامَ رَبِّهِ و قيامَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ يومَ الحِسابِ و خافَ وَعيدُهُ بالعَذاب ،
فيا حبيبي إنَّ أصحابَكَ المُنافِقين مثل أولئِكَ الظّالِمين طَلَبوا الفَتحَ بِمُعاداةِ عليٍّ (ع) وَلـٰكِن خابَ كُلُّ جَبّارٍ عَنيدٍ يُعانِدُ عليّاً (ع) ،
إذ لَم يَبلُغُ الفَتحَ أبَداً بَل الغالِبُ هُوَ عليُّ بن أبيطالِب (ع) و المَغلوبُ مُعانِدُهُ إذ مِن وَرائِهِ بَعدَ المَوْتِ جَهنّم و يُسقيٰ مِن مآءٍ صَديدٍ يَخرُجُ مِن فُروجِ أهلِ النّار ،
فَيَتَجرَّعُ الصَّديدَ عَدوُّ عليٍ (ع) في النّارِ جُرعَةً جُرعَة رَغماً عليهِ و لا يَكادُ يَبلَعُهُ بِراحَةٍ لِشِدَّةِ عُفونَتِهِ و يَأتيهِ الهَلاكُ مِن كُلّ جوانِبِ الجَحيمِ الحريقِ و يَحتَرِقُ و لا يَموت ،
و مِن وَراءِ هذا الشَّرابِ العَفِن اُعِدّ لَهُ عذابٌ غليظٌ إذ يُقيَّدُ بِسَلاسِلَ مِن نارٍ و يُضرَبُ بِمَقامِعَ مِن حَديدٍ في قَعرِ سَقَر ،
مَثَلُ حالِ الّذين كفَروا باللهِ و بِوِلايَةِ عليٍّ و آل محمدٍ (ص) و مَثَلُ أعمالِهم يوم القيامَةِ هُوَ كَرَمادٍ اشتَدَّت بِهِ الرّيحُ العاصِفَةُ و الهَواءُ الشَّديدُ في يومٍ كثيرِ العَواصِفِ الهَوْجاء فَتَبَعثَرَ الرَّماد ،
فَتكون أعمال أعداءِ عليٍّ (ع) هَباءٌ لا يَقدِرونَ عليٰ كسبِ شَييءٍ مِمّا كَسَبوا في الدُّنيا مِن عَمَلٍ ذلكَ هُوَ الضَّلالُ البَعيدُ عَنِ الحَقِّ كُلَّ البُعد ،
ألَم تَنظُر أيّها الإنسانُ نَظَر تأَمُّلٍ و تَفَكُّرٍ لِتَريٰ أنَّ اللهَ خَلَقَ السّماواتِ و الأرضَ بالحَقِّ و العَدلِ و الحِكمَةِ العادِلَة ؟ ،
إن يَشآء اللهُ فَمَشيئَتُهُ نافِذَةٌ حَتماً إذا شآءَ لا مانِعَ لِمَشيئَتِهِ حينئذٍ ، فيُهلِكُكُم و يُميتُكُم يا أعرابَ و يَأتي مِن بَعدِكُم بِخَلقٍ جديدٍ مِن فارِس يُوالي عَليّاً (ع) ،
و ما كانَ ذلِكَ التَّبديلُ بِأن يُبَدِّلَ مكانَكُم يا أعداءَ عليٍّ (ع) بِخَلقٍ جَديدٍ يُوالونَهُ ، عليٰ اللهِ القادِرِ المُقتَدِرِ بِصَعبٍ و عَسيرٍ ،
و سَتَراهُم يا حبيبي يَومَ القيامَةِ بَرَزوا مِن قُبورِهِم لِحسابِ اللهِ و جَزاءِهِ أعداءَ عليٍّ (ع) جَميعاً فيَقولُ الضُعفاءُ الأتباعُ لِلّذينَ استَكبَروا مِنَ الخُلَفاءِ و الوُلاةِ إنّا كُنّا لَكُم تَبَعاً فَهَل أنتُم تَدفَعونَ عَنّا مِن عذابِ اللهِ جُزاءاً مِنه ؟
فيقولُ الخُلَفاءُ في جَوابِهِم لَوْ يَهدَينا اللهُ لِشَييءٍ نَدفَعُ بِهِ عنّا العَذابَ اليومُ لَهدَيْناكُم إليهِ فاليومُ سَوآءٌ علَينا كُلّنا أجَزِعنا مِنَ العَذابِ ، أم صَبَرنا مالَنا مَفَرٌّ مِن العَذاب ،
و يقولُ الشّيطانُ اللَّعينُ لأِتباعِهِ مِن أعداءِ عليٍّ (ع) حينَما يُحكَمُ عليهِم بالعَذابِ إنَّ اللهَ وعَدَكُم وعدَ الحَقِّ والصِّدقِ بالجَزاءِ العادِل و وَعدُتُكم النَّجاة فَأخلَفتُكُم الوَعد ،
و يقولُ لهُمُ الشَّيطانُ إنّي ما كانَ لي عليكُم سُلطانٌ في الظّاهِر إلاّ أنْ دعوتُكم بِوَساوِسي فاستَجبتُم لي فكانَ عليكُم أن لا تَستجيبوا لي فلا تَلوموُني و لوموا أنفُسَكم الخَبيثَه ،
فاليوم كُلٌّ مِنّا يَنالُ جزاءَ عِصيانِهِ و عِنادِهِ فما أنا بِمُنقِذِكُم و مُنجيكُم مِن عذابِكم و ما أنتُم بِمُنقِذِيَّ مِنَ العذاب ،
و يَقولُ لهُم إنّي اليوم تَبَرَّءتُ و كفَرتُ بِما أشرَكتُموني مَعَ اللهِ في أعمالكم مِن قَبلُ و اليومُ إنَّ الظّالمينَ حَتماً لهُم عذابٌ مُؤلِمٌ في سَقَر ،
و يَومَئِذٍ تَريٰ يا حبيبي قَد اُدخِلَ الّذين آمَنوا بِوِلايَتِكُم أهل البيت (ع) و شيعتكم و عَمِلوا الصّالِحاتِ جَنّاتٍ تَجري مِن خِلالِها الأنهارُ المُتَنَوِّعَةُ ،
و تَراهُم خالِدينَ في الجَنّاتِ إليٰ الأبَدِ بِإذنِ اللهِ تَحيَّتُهُم فيها فيما بَيْنَهُم قولُهُم سلامٌ عليكُم و الملائِكَةُ تُحيّيهِم بِقَولِها سَلامٌ عليكم ،
نََسألُ إلفاتاً ألَم تَنظُر و تَتَفَكَّر أيّها الإنسانُ كَيفَ يَضرِبُ اللهُ لكَ مَثلاً بِأنَّ كَلِمَةَ وِلايَةَ محمّدٍ و آل محمّدٍ (ص) ألطَّيِّبَه هيَ كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أصلُها راسِخٌ في الأرضِ و أغصانُها مُنتَشِرَةٌ في الفَضاء ،
و شَجَرَةُ وِلايَةِ محمدٍ و آل محمدٍ (ص) تُعطي ثِمارَها النّافِعَةَ كُلَّ حينٍ سوآءً حينَ حُضورِ المَعصومِ أو حينَ غَيْبَتِهِ بإذنِ اللهِ و يَضرِبُ اللهُ الأمثالَ هكذا لِلنّاسِ لَعلّهُم يَتَذكّرونَ أهَمِّيَّةَ وِلايَةِ محمدٍ و آل محمدٍ (ص) لِيُوابونَهُم ،
و مَثَلُ كَلِمَةُ خِلافَةِ بَني اُمَيّةَ الخَبيثَةَ هِيَ كَشَجَرةِ الحَنظَلِ الخَبيثَةِ لا نَفعَ في ثَمَرِها و لا فائِدَةَ بَل هِيَ أمَرُّ مِنَ العَلقَم ،
و هذِهِ شَجَرةُ بَني اُمَيَّةَ الخَبيثَةَ المَلعونَةَ سَتُقلَعُ مِن جُذورِها و سَتُوءْ تَصَلُ مِن فَوْقِ الأرضِ و لَم يَبقِ لَها قَرارٌ و لا أثَرٌ و لا نَسلٌ ،
و نَتيجَةُ المَثَلَيْن أنّهُ يُثَبِّتُ اللهُ الّذين آمَنوا بِوِلايَةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) بالقَوْلِ الثّابِتِ عليٰ وِلايَتِهِم في الحياةِ الدُّنيا و عِندَ المَوْت و بَعدَهُ و في الآخِرَةِ و المَحشَر ،
و يَدَعُ اللهُ الظّالِمينَ في ضَلالَتِهِم عَن آلِ مُحمّدٍ (ص) و شيعَتِهِم و تَركِ وِلايَتِهم و مَوَدَّتِهِم و يَفعَلُ اللهُ ما يَشآءُ بِهِم مِن الإنتِقامِِ و العَذاب ،
نَسألُ تَقريراً ألَم تَنظُر إليٰ أعداءِ آل محمدٍ (ص) الّذين بَدَّلوا نِعمَةَ اللهِ وِلايَة أهلِ البَيْتِ (ع) بالكُفرِ بِوِلايَتِهم و بذلكَ أحَلّوا قَومَهُم و أتباعَهُم مَحَلّ الهَلاكِ و العَذابِ و مَنزِلَ الفَناء ،
فَلِتَبديلِهِم نِعمَةَ وِلايَة آل محمدٍ (ص) بالكُفر جَهنّمَ يصلَوْنَها حَتماً جَزآءً و هِيَ بِئسَ المَقَرّ و أسوَء المَصير ،
و قَد جَعلوا في الدّنيا لِلّهِ أعداءً و شُركآءَ مِن خُلَفاءِ الجَوْر لِيُضِلّوا عَن سبيلِ اللهِ وِلايَةَ عليٍّ (ع) قُل لهُم يا حبيبي : تَمَتَّعوا بالخِلافَةِ و الحُكمِ فَإنّ مَصيرَكُم إليٰ النّار الجَحيم ،
يا رسولَ الله قُل لِعِبادِيَ الّذينَ آمَنوا بِوِلايَةِ عليٍّ (ع) يُقيموا الصَّلاةَ مِن غَيرِ بِدعَةِ التَّكَتُّفِ و آمّين و يُنفِقوا الخُمسَ و الزَّكاةَ مِمّا رَزقناهُم في السِّرِّ و الجَهر ،
مِن قَبلِ أن يَأتِيَ يومُ الحسابِ و لا عَمَلٌ فيهِ و لا يُمكِنُ بَيْعٌ فيهِ فَيُشتَريٰ ثَوابُ عَمَلٍ و لا تُفيدُ فيهِ الخِلَّةُ و الصَّداقَةُ إلاّ لآِلِ مُحمّدٍ (ص) ،
و كَيْفَ يَجعَلونَ الخُلَفاءَ أنداداً لِلّهِ و اللهُ هُوَ الّذي خَلَقَ السّماواتِ و الأرضَ فهُوَ وَلِيُّهُما و أنزَلَ مآءً مَطَراً فَأخَرَجَ بهِ مِنَ الثَّمراتِ المَزروعَةِ رِزقاً لَكُم ،
واللهُ سُبحانَهُ هُوَ الّذي سَخَّرَ لكُمُ السُّفُنَ لِتَجري في البِحارِ بِأمرهِ فَتنقُلُكم مَعَ أمتِعَتِكُم و سَخَّرَ لكُمُ الأنهارَ الحُلوَةَ تَستَقونَ مِنها فَهُوَ أوليٰ بالطّاعَة ،
واللهُ جَلَّ جَلالَهُ هُوَ الّذي سَخّرَ لِمَصلَحَتِكُم و مَنفَعَتِكُم كُرَةَ الشَّمسِ و القَمَر جارِيَيْن بِجاذِبيَّةٍ مُعيَّنَةٍ و سَخَّرَ بذلكَ السَّيْرِ منها أللَّيْلُ و النَّهارَ و الفُصولَ ،
واللهُ عَزَّوجَلَّ هُوَ الّذي آتاكُم و أعطاكُم مِن كُلِّ ما سَألتُموهُ مِن النِّعَمِ و لَم يَمنَعكُم و إن تَعُدّوا نِعَم اللهِ عليكُم لا تُحصونَ عَدَدها كامِلاً أبَداً ،
فَمَعَ ذلِكَ كُلِّهِ يُطيعُ المُنافِقونَ الخُلَفاءَ مِن دونِ اللهِ و يُوالونَهُم مِن دونِ آلِ محمّدٍ (ص) إنَّ الإنسانَ المُنافِقَ لَظَلومٌ لِحَقِّ آلِ مُحمّدٍ (ص) و كفّارٌ بِنِعَمِ اللهِ وَ وِلايَتِهِم ،
و تَذَكّروا إذ قالَ إبراهيمُ بن تارِخ الخَليلُ رَبِّ اجعَل هذا البَلَد بَلَدَ الكَعبَةِ آمِناً مِن القَتلِ و القِتالِ فيهِ و أبعِدني مَعَ أبنائي مِن أن نَعبُدُ الأوثان ،
و قالَ إبراهيمُ إلـٰهي إنَّ الأصنامَ أضلَلن كثيراً مِنَ النّاسِ عَن عِبادَتِكَ فَمَن تَبِعَني في مُحارِبَتِها فإنّهُ مِنّي و مِن أهلِ مِلَّتي و مَن عَصاني فَعَبَدَها فإنّكَ غفورٌ لي رحيمٌ بي فَقَط ،
: رَبّنا إنّي أسكَنتُ مِن ذُرّيَتي إسماعيلَ و نَسلِه بِوادي تُهامَةَ غير ذي زَرعٍ عِندَ الكَعبَة بَيْتكَ المُحرَّم بِأمرِك ،
: رَبّنا أسكَنتُهُم عِندَ القِبلَةِ ليُقيموا لَكَ الصَّلاةَ و الطَّوافَ حَولَها فاجعَل قُلوباً مِنَ النّاسِ المُؤمِنين تَميلُ إليهِم و ارزُقهُم بِهِم مِنَ الثَّمَراتِ يَجلِبونَها مَعَهُم لعَلّهُم يَشكرونَ نِعَمك ،
: رَبَّنا إنّكَ تَعلَمُ ما نُخفي مِن وِلاءٍ لِمُحمّدٍ و آلِهِ (ص) و ما نُعلِنُ مِنَ التَّوْحيد و ما يَخفيٰ عليٰ اللهِ مِن شَييءٍ مِن حُبٍّ وَ وِلاءٍ و مِن سِرٍّ و خَفاءٍ في الأرضِ و لا في السّمآء ،
ثُمَّ أضافَ قائِلاً : ألحَمدُ لِلّهِ الّذي وَهَبَ لي و رَزَقني عليٰ كِبَرِ سِنّي إسماعيلَ مِن هاجَر و إسحاقَ مِن سارَة العاقِر إنَّ ربّي لَسميعُ الدُّعاء ،
: رَبِّ اجعَلني مُقيمَ الصَّلاةِ لكَ عِندَ الكَعبَةِ واجعَل مِن ذُرّيَتي مِن نَسلِ إسماعيلَ مُحمّداً و آلَهُ (ص) و شيعَتِهم مُقيمي الصَّلاة رَبّنا و تَقَبَّل دُعائي لِمُحمّدٍ و آلِ مُحمّدٍ (ص)
: رَبَّنا اغفِر لي مُعاشِرَتي لِقَومِ نَمرودَ و لِوالِدَيَّ و اغفِر لِلمُؤمنينَ شيعَة محمدٍ و آل محمدٍ (ص) الطّاهرين يَومَ يقومُ الحِساب بَيْنَ يَدَيْك ،
و لا تَحسَبَنَّ اللهَ أيُّها الظّالِمُ غافِلاً عَمّا يَعمَلِ الظّالِمونَ لآِلِ مُحمّدٍ (ص) و شيعَتِهم مِن ظُلمٍ فلا يُعاقِبُهُم عليهِ إنّما يُؤخِّرُ عِقابَهُم لِيَومِ الحِسابِ الّذي تَشخَصُ فيهِ أبصارُهُم لِهَوْلِ الحِساب ،
فَهُم يَومَئذٍ يهرعونَ لِلحسابِ حالِكَوْنِهم يَستُرونَ رُؤسَهُم بِأيديهِم كالقِناعِ خَجَلاً و ذِلّةً لا تَرمُشُ عيونُهُم فَزَعاً و خَوْفاً و قُلوبُهُم طائِشَةٌ مِن أهوالِ القيامَه ،
و أنذِرِ النّاسَ يا رسولَ الله لَوْ خالَفوا عَلِيّاً (ع) جَزاءُهُم يوم يأتيهِمُ العَذابُ الإلـٰهيُّ فيَقولُ الّذين ظَلَموا آلَ محمّدٍ (ص) رَبّنا أخِّرنا إليٰ مُهلَةٍ و فُرصَةٍ و مَوعِدٍ قَريبٍ نُجِبْ دَعوَتَكَ بِوِلايَةِ عليٍّ (ع) ،
فَأمهِلنا كَي نَتَّبِع رَسولَ اللهِ و الأنبياءَ فَنُوالي عَليّاً و أولادَهُ (ع) فَيُخاطِبُهُم رَسولُ اللهِ قائِلاً أوَلَم تكونوا أقسَمتُم مِن قَبلُ يَومَ غديرِ خُمٍ أنّكُم لا تَنحَرِفونَ عَن وِلايَةِ عليٍّ (ع) ،
و مَعذلِكَ قَد سكنتُم في مَساكِنِ الّذين ظَلَموا أنفُسَهُم بِمُخالِفَةِ الأنبياء ، فَأهلَكوا أنفُسَهُم و ظَهَرَ لكُم كَيْفَ فَعَلنا بِهِم مِنَ الهَلاكِ و ضَرَبنا لكُمُ الأمثالَ لِكَي لا تُخالِفوا عَليّاً (ع) ،
و قَد مكروا أصحابكَ المُنافِقين مَكرهُم في سَقيفَةِ بني ساعِدَةَ و عِندَ اللهِ مكتوبٌ مَكرهُم مُسَجَّلٌ عليهِم يُحاسِبُهُم عليهِ و إن كانَ مَكرهُم بِغَصْبِ حَقِّ عليٍّ (ع) لَتزولِ منهُ الجبالُ فكيفَ بِإزالَةِ عليٍّ (ع) عَن حَقِّه ؟!
فيا حبيبي لا تَحسَبنّ اللهَ يُخلِفُ وَعْدِهِ لَكَ بِنُصرَةِ أهل بَيْتِك (ع) و إهلاكِ عَدُوّهِم كما لَم يُخلِف وَعدَهُ رُسُلَهُ الماضينَ إنَّ الله عَزيزٌ يُعِزُّ عليّاً (ع) و ذوانتقامٍٍ يَنتَقِمُ مِن أعداءِه ،
فَليَتَذكّروا يومَ القيامَةِ يومَ تُبَدّلُ هَيئَةِ الأرض و صِفَتها غيرَ هذهِ الأرضِ إذ لا جِبالَ فيها و لا تِلال و تُبَدَّلُ كُراة السماوات هيآتها ثُمَّ يُبرِزونَ مِن قُبورِهِم لِحسابِ اللهِ الواحِدِ القَهّارِ و جَزاءِه ،
و تَريٰ يا رسولَ اللهِ المُجرِمينَ المُخالِفينَ لِوِلايَةِ عليٍّ (ع) يَومَئذٍ مَربوطينَ بَعضَهُم بِبَعضٍ في القُيودِ و السَّلاسِلِ و الحِبالِ و الأغلال ،
سَراويلُهُم و قِمصانُهُم و مَلابِسُهُم مُخَطَّةٌ بالزِّفِتِ و القيرِ و النِّفطِ و الكِبريتِ المُشتَعِلَةِ فَتَلفَحُ وُجوهَهُم لَهيبُ النّار ،
بالقَطعِ واليَقينِ سَيجزِي اللهُ كُلّ نَفسٍ يَوْمَ القِيامَةِ ما كَسَبَت مِن عَمَلٍ وَ مَكسَبٍ في الدُّنيا إنَّ اللهَ سَريعُ الحِسابِ يَوْم القيامَةِ ،
هذا الإنذارُ هُوَ بَلاغٌ لِلنّاس بِوِلايَةِ عليٍّ (ع) يُبَلَّغونَ بهِ كامِلاً فَتَتُمُّ الحُجَّةُ عَلَيهِم و لِكَي يُنذَروا بِذلكَ فلا يَترُكوا وِلايَتَه ،
و لِكَي يَعلَموا إنّما الإلـٰهُ المُطاعُ المَعبودُ هُوَ إلـٰهٌ واحِدٌ فلا يجوزُ طاعَةُ الخُلَفاءِ مِن دونِهِ و لِيَتَذَكَّر أصحابُ العقولِ و القُلوبِ السَّليمَةِ فَيَتَمسَّكوا بِوِلايَةِ عليٍّ و آلِ مُحَمّدٍ (ص)
نشر في الصفحات 1425-1409 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد ألثّانی