(67)
سورة ألمُزَّمِّل
بإسمِ ذاتِيَ المَعبود الواجِبِ الوُجودِ و بإسمِ رحمانِيَّتي الواسِعَةِ و رحيميَّتِيَ الخاصَّةِ بالمُؤمنين اُوحي إليك :
يا حبيبي يا مُحمَّد (ص) ألمُتَزَمِّلُ المُتَلَفِّفُ بِثَوبِهِ المُحتَضِن رُكبَتِهِ لِلتَّفكيرِ في المَبدَاءِ و المَعادِ دَعِ الجُلوسَ وانهَض لِلعِبادَةِ و تَكلّم مَعَ الله ، قُمِ اللَّيْلَ بالصَّلاةِ إلاّ قَليلاً مِنهُ فاستَرِح بالنَّوْم ،
قُم نِصفَهُ أوِ انقُص مِنهُ قَليلاً فَقُم ثُلثَهُ بالعِبادَةِ و النَّوافِلِ أوزِد عَلَيهِ فَقُم ثُلثَيهِ وَحم في الثُّلثِ الأوَّلِ و رَتِّلِ القُرآنَ واتلوهُ تَرتيلاً بِتَدَبُّرٍ و هُدوءٍ ،
واستَعِدَّ و تَهيَّاءْ لِلمَسئولِيَّةِ العُظميٰ ألثَّقيلَة إنّا سنُلقي عليكَ بِواسِطَة جبرئيل وَحياً قَولاً ثَقيلاً تُبَلِّغُهُ لِلنّاس هُوَ وِلايَةُ عليِّ بن أبيطالبٍ (ع) ،
إنَّ النُشوء و القِيامَ بالعِبادَةِ في اللَّيْلِ هيَِ أعظَمُ أجراً و ثَواباً و أقويٰ أثراً في الرُّوحِ و القَلبِ و أخلَص مُناجاةً مَعَ الله ،
إنّ لكَ يا حبيبي في النّهار في نوم القَيْلولَةِ قبل الزَّوالِ فُرصَةً واسِعَةً لِلرّاحَةِ و النَّوْمِ فالتَزِم بِها ،
واذكُر اسمَ ربّكَ إسمَ جَلالَتِهِ و أسماءِهِ الحُسنيٰ في جَوفِ اللّيل وادعوهُ بها و تَبتَّل إليٰ اللهِ بِنَوافِلِ اللّيل رَكعَتين رَكعَتين مُنقَطِعَتَين مُنفَصِلَتَين ،
وزِد عليٰ أسماءِ الله الحُسنيٰ الّتي تَدعوهُ بِها بِصِفَتَين لهُ و هُما رَبُّ المَشرِقِ و المَغرِبِ فَهُوَ رَبُّ اللّيل والنّهار فاعبُدهُ ليلاً و نَهاراً لا إلـٰه إلاّ هُوَ خالِقٌ لهما فاتَّخِذهُ وكيلاً تَتَوَكَّلُ عليهِ ،
واصبِر عليٰ ما يقولونَ أعداءُ أهل بَيتِك (ع) والحِزبِ الاُمَويّ فيكَ و في عليٍّ (ع) مُتَوكِّلاً عليٰ اللهِ واهجُرهُم والمُنافقينَ مِن أصحابِكَ و زَوجاتِكَ هَجراً جَميلاً و قُل لهُم إذهَبوا فَأنتُمُ الطُّلَقاء ،
ودَعني يا مُحمّدُ يا حبيبي أنا والمُكَذِّبينَ بِوِلايَتِكُم مِن صناديدِ قُريشٍ و رؤسَ الشِّركِ والنِّفاقِ أصحابَ الثَّروَةِ و أمهِلهُم قليلاً حتّيٰ يَومَ بَدرٍ و حُنَين كي أنتَقِم منهُم ،
و ليَعلَموا أنَّ لَدَينا جَزاءً لهُم و عِقاباً قُيوداً و سَلاسِلَ نُقيِّدُهُم بِها و جَحيماً مُؤَجَّجاً و طَعاماً في الجَحيمِ مِنَ الزَّقوّمِ يَغُصّونَ بهِ و عَذاباً أليماً أعدَدناهُ لهُم هُناك ،
كُلَّ ذلكَ العذاب سَيكونُ يوم القيامَةِ و الجَزاءِ حينما تَرجُفُ الأرضُ و الجِبالُ بالزَّلازِلِ فتَكونُ الجِبالُ الشّاهِقَةُ كُثبانَ رَملٍ مُتراكِمَةٍ مُتَبَعثِرَةٍ ،
إنّا أرسَلنا إليكم أيّها النّاسُ مُحمّداً (ص) رَسولاً لِلبَشَريَّةِ جَمعآءَ لِيكونَ شاهِداً عليكُم أمامَ اللهِ كَيفَ تُخَلِّفونَهُ في أهل بَيْتِهِ (ع) كَما أرسَلنا إليٰ فِرعَوْنَ موسيٰ رَسولاً ،
فعصيٰ فِرعونُ مِصرَ الرَّسولِ موسيٰ بنَ عِمرانَ فَأخذناهُ في اليَمِّ أخذاً شَديداً فَأغرقناهُ و جُنودَهُ في اليَمِّ و أهلكناهُم ،
فَكيفَ يا أصحاب محمّدٍ (ص) و يا مُنافِقينَ أتباعَ أبي سُفيانَ والحِزبَ الاُمَويّ تَتَّقونَ عَذابَ اللهِ إن كَفَرتُم بِوِلايَةِ عليٍّ (ع) في يَومِ الحِساب الّذي يَجعَلُ الوِلدانَ أهوالُهُ شِياباً ؟ ،
و مِن أهوالِ القيامَةِ هو أنَّ السَّماءَ أي كواكِبِها تَنفَطِرُ بِقُدرَةِ اللهِ و جَبَروتِهِ سيكون وَعدُ اللهِ هذا مَفعولاً حَتماً ،
إنَّ هذِهِ المَواعيدُ و المَواعِظُ هِيَ تَذكِرَةٌ لِلنّاسِ لِكَي يُوالوا عَليّاً و آلَ محمدٍ (ص) فَمَن شآءَ اتَّخَذَ إليٰ رَبِّهِ وِلايَةَ آلِ محمدٍ (ص) سَبيلاً لِلفَوْز ،
إنَّ ربّكَ الّذي اصطَفاكَ يا مُحمّد (ص) هُوَ يعلَمُ أنّكَ تَقومُ بالعِبادَةِ أكثَر مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ أو نِصفَهُ أو ثُلُثَهُ دائِماً بالصَّلاةِ و لا تَنام ،
و إنَّ اللهَ يعلَمُ أنَّ طائِفَةً مِنَ الّذين مَعَكَ و هُم عليٌ (ع) و رَبعُهُ كسلمانٍ و أبي ذَرٍ و المِقداد و عمّار يقومونَ اللَّيْل و بأعمالِ اللَّيل و النَّهار مِثلَكَ بالصَّلاةِ و العِبادَةِ واللهُ يحصي ذٰلِك ،
عَلِمَ اللهُ أنّكُم لَن تُحصُوا اللَّيْل كُلّهُ طولَ حياتِكُم بالصَّلاةِ لِضَرورَةِ مُضاجِعَةِ الأزواج فَتابَ عليكُم و لا يُريدُ مِنكُم ذلكَ فاقرَأوا ما تَيَسَّرَ لكُم قَراءَتُهُ مِن القُرآن لَيْلاً ،
عَلِمَ اللهُ أن سيَكونَ مِنكُم مرضيٰ لا يَقدِرونَ عليٰ إحياءِ اللَّيْل بالعِبادَةِ و آخَرونَ مُسافِرونَ يَضرِبونَ في الأرضِ سَيْراً طَلَباً لِلعِلمِ والرِّزقِ مِن فَضلِ الله ،
و عَلِمَ اللهُ أن سيكون منكُم آخَرون مُجاهِدونَ يُقاتِلونَ في سبيلِ اللهِ في النّهار فلا بُدَّ مِن أن يَنامُوا باللَّيْلِ فاقرَأوا ما تَيَسَّرَ لكُم مِن القُرآنِ لَيلاً ،
وَ يجِبُ علَيكُم و نَأمُرُكُم أمراً مَولَوِيّاً أقيموا الصَّلاةَ الواجِبَةَ مِن دونِ بِدْعَةٍ مِن غَيرِ تَكتُّفٍ و آمّين و آتُو الزَّكاةَ و أقرِضوا اللهَ بِدَفعِ خُمس آلِ مُحمّدٍ (ص) قَرضاً حَسَناً يُضاعِفُهُ لكُم ،
واعلَموا و ما تُقَدِّموا لِأنفُسِكُم مِن خَيرٍ مِنَ الخُمسِ والزَّكاةِ و الخَيْراتِ والمَبَرّاتِ تَجِدوهُ عِندَ اللهِ مَحفوظاً أجرهُ و ثَوابُهُ مُضاعَفاً و أعظَمُ جَزاءً و أجراً في جَنّاتِه ،
واستَغفِروا اللهَ لِذُنوبِكُم أيّها المُؤمِنونَ المُوالونَ لِمُحمّدٍ و آلِهِ (ع) سِيَّما في اللَّيْلِ و قُنوتِ الوِترِ ، إنَّ اللهَ غَفورٌ لَكُم رَحيمٌ بِِكُم حتماً .
نشر في الصفحات 1396-1392 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد ألثّانی