سورة ألجُمُعَةِ
2017-04-13
سورة ألمُزَّمِّل
2017-04-13

(66)
سورة ألحاقَّةِ

( بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم )

بإِسمِ ذاتِيَ الأقدَسِ القادِرِ القاهِرِ الجَبّارِ المُنتَقِمِ الحَكَم العَدْلْ و بِإسمِ رحمانِيَّتيَ الشّامِلَةِ و رحيميَّتِيَ الخاصّةِ‌ بالمُؤمنينَ اُوحي إليك :

(‌ ألحاقَّةُ ما الحاقَّةُ‌ و ما أدراكَ ما الحاقَّة )

سَتَكونُ حَتماً ألحاقَّةُ المُحقِّقَةُ لِحَقِّ آل مُحمّدٍ (ص) و ما أعظَمَها مِن مُحِقّةٍ و ما أدراكَ يا حبيبي ما أعظَمَ الحاقَّةُ‌ عِندَ قيامِ قائِمِ آلِ مُحمّدٍ (عج) و ليسَت القِيامَه !

(‌ كَذَّبَت ثَمودُ و عادٌ بالقارِعَه )

فالحاقَّةُ‌ هِيَ إنتِقامُ اللهِ و عذابُهُ مِن أعداءِ آلِ مُحمّدٍ (ع) ألمُكَذِّبينَ بِوِلايَتِهِم و قَد كذَّبَت قَبلَهُم قَوْمُ ثمودٍ و عادٍ هُوداً و صالِحاً و إنذارَهُما لهُم بِنُزولِ القارِعَةِ عليهِم ،

( فَأمّا ثَمودُ فَاُهلِكوا بالطّاغِيَةِ و أمّا عادٌ فَاُهلِكوا بريحٍ صَرصَرٍ عاتِيَةٍ )

لكنّ القارِعَة نَزَلَت بِهِم فَأمّا قومُ ثَمودٍ فَأهلَكَهُمُ اللهُ‌ بالصَّيحَةِ الغالِبَةِ الطّاغِيَةِ المُهلِكَةِ و أمّا قَومُ عادٍ فَاُهلِكوا بِعَواصِفَ ريحٍ مُدَوِّيَةٍ سريعَةٍ مُدَمِّرَةٍ

( سَخَّرَها عليهِم سَبعَ لَيالٍ و ثَمانِيَةَ أيّامٍ حُسوماً فَتَريٰ القَوْمَ فيها صَرعيٰ كأنَّهُم أعجازُ نَخلٍ خاوِيَه )

‌سَلّطَها اللهُ عليهِم مُدَّةَ سَبعَ لَيالٍ و ثَمانِيَةَ أيّامٍ مُتوالِيَةٍ قَطعاً لِجُذورِهِم و حَسماً لِعِنادِهِم فإذا شاهَدتَهُم تَريٰ القَومَ فيها مَطروحينَ كأنَّهُم جُذوعُ نَخلٍ فارِغَةٍ ،

( فَهَل تَريٰ لَهُم مِن باقِيَةٍ )

فَبَعدَ نُزولِ القارِعَةِ عليهِم هَل تَريٰ لهُم يا حبيبي مِن آثارٍ باقِيَةٍ من حَياتِهم كَلاّ و هَيْهاتَ فَقَد هَلَكوا و كذلِكَ سيكونُ أعداءُ أهل بيتِكَ حينَما تَنزِل عليهِمُِ الحاقَّةُ ،

(‌ و جاءَ فِرعَونُ و مَن قَبلَهُ و المُؤتَفِكاتِ بالخاطِئَةِ )

و كذلكَ جآءَ فِرعَونُ مِصرَ والفراعِنَةُ‌ مِن قَبلِهِ و جآءَ أهلُ‌ قُريٰ قومِ لوطٍ بالأعمالِ و الأقوالِ الخاطِئَةِ مِنَ الجرائِمِ و الآثامِ والشِّركِ و المَعاصي ،

(‌ فَعَصَوا رَسولَ رَبّهم فَأخَذَهُم أخَذَةً رابِيَةً‌ )

فَعَصَوا أمرَ رسولَ رَبِّهم و دَعوَتِهِ للإيمانِ و الطّاعَةِ‌ كموسيٰ و هارونَ و لوطَ فَأخذَهُمُ اللهُ أخذَةً مُريبَةً تَربُو عليٰ أخذِ غَيرهِم شِدَّةً‌‌ ،

( ‌إنّا لَمّا طَغيٰ المآء‌ُ حَملناكُم في الجارِيَةِ لِنَجعَلَها لَكُم تَذكِرَةً‌‌ )

إنّا حينَ طوفانِ نوحٍ لَمّا طغيٰ المآءُ عليٰ وَجهِ البَسيطَةِ‌ حملناكُم في سَفينَةِ نوحٍ لِنَجعَلَها لكُم تَذكِرَةً بِأنَّ مَثَل أهل البَيْت (ع) كَسَفينَةِ نوحٍ مَن رَكِبَها نَجيٰ و مَن تَخلَّفَ عنها غَرِقَ و هَويٰ ،

(‌ و تَعِيَها اُذُنٌ‌ واعيَِه )

و هذِهِ التَّذكِرَةُ تَعِيَها وَعيَ إيمانٍ و فَهمٍ و إعتِقادٍ و عَمَلٍ صاحبُ اُذنٍ واعِيَةٍ سامِعَةٍ للحَقّ مُطيعَةٍ مُتَّعِظَةٍ وهيَ آذانُ عليٍّ وَ وُلدِهِ (ع) و شيعَتِهِ ،

(‌ فإذا نُفِخَ في الصّورِ نَفخَةً واحِدَةً و حُمِلَتِ الأرضُ و الجِبالُ فَدُكّتا دَكّةً واحِدَةً )

فحينما يَنفُخُ إسرافيلُ في البُوقِ نَفخَةً واحِدَةً هِيَ الاُوليٰ فَيهلِكُ جميعُ الأحياءِ ثُمَّ تُرفَعُ الأرضُ و جِبالُها فَدُقَّ بَعضها بِبَعضٍ دَقَّةً واحِدَةً ،

(‌ فَيَومَئِذٍ وَقَعَتِ الواقِعَةُ )

فَيَومَئِذٍ سَتَقَعُ وَقعَةِ القِيامَةِ والحَشرِ و النَّشرِ فَيَنفُخُ إسرافيلُ النَّفخَةَ الثّانِيَة فَيقومُ الخلائِقُ لِلحساب ،

( وانشَقَّتِ السَّمآءُ فهيَ‌ يَومَئِذٍ واهيَِه )

فَيَومَئِذٍ تَنشَقُّ كواكِبُ السَّماءِ و سيّاراتها و تَتَبَعثَر و تَفقِدُ قُوَّةَ الجاذِبيّةَ ،فهيَ يَومَئِذٍ فاقِدَةٌ لِلجاذِبيَّةِ واهِيَةٌ ،

(‌ والمَلَكُ‌ عليٰ أرجاءِها و يَحمِلُ عَرشَ رَبِّكَ فَوقَهُم يَومَئِذٍ ثمانِيَه )

يَومَئذٍ يكونُ المَلَكُ جميعاً عليٰ أرجاءِ السَّماءِ و أقطارِها و يَومَئِذٍ يَحمِلُ عَرشِ قُدرَةِ اللهِ فَوْقَ المَلائِكَةِ ثمانِيَةَ مَلائِكَةٍ‌ مُقَرَّبينَ جَبرائيلَ و ميكائيلَ و إسرافيلَ و عِزرائيلَ و أربَعةً آخَرون ،

(‌ يَومَئِذٍ تُعرَضونَ لا تَخفيٰ مِنكُم خافِيَه )

يَومَئِذٍ تُحشَرونَ لِلحسابِ و الجَزاءِ فيهِ و تُعرَضونَ عليٰ رسولِ اللهِ و عَليّاً (ع) لِلمُحاكِمَةِ لا تَخفيٰ مِنكُم عليٰ اللهِ وَ رسولِهِ و آلِهِ خافِيَةً تُخفونَها ،

(‌ فَأمّا مَن اُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمينِهِ فَيَقولُ‌ هاؤُمُ اقرَأوا كِتابِيَه )

فَأمّا مَن اُوتِيَ صَحيفَةَ عَمَلِهِ بِيَمينِهِ مِن شيعَةِ عليٍّ (ع) هُناك فَيَعلَم أنّهُ مِن أهلِ الجَنّةِ فيَقولُ فَرِحاً مَسروراً يا أولياءَ اللهِ خُذُوا هذا كِتابي و صَحيفَة عَمَلي واقرَأوه ،

(‌ إنّي ظَنَنتُ أنّي مُلاقٍ حِسابِيَه )

و يَقولُ لَهُم إنّي في الدُّنيا عَلِمتُ أنّي حَتماً مُلاقٍ حِسابي في هذا اليَوم و في هذا المَوْقِف فاستَعدَدتُ لَهُ ،

(‌ فَهُوَ في عيشَةٍ راضِيَةٍ في جَنّةٍ عالِيَةٍ‌ قُطوُفُها دانِيَةٌ‌ )

فَعِندَئِذٍ يَفوزُ بالجَنّةِ‌ فَهُوَ في عيشَةٍ مَرضِيَّةٍ مُطمَئِنَّةٍ‌ في جَنّةٍ رفيعَةٍ عالِيَةِ‌ الدَّرَجاتِ ثِمارُها مُتَدَلِِّيَةٌ دانِيَةٌ مِن مُتَناوَلِهِ ،

(‌ كُلوا واشرَبوا هَنيئاً بِما أسلَفتُم في الأيّامِ الخالِيَه )

فَيُخاطِبُهُم آلُ محمّدٍ (ص) قائِلينَ كُلوا واشرَبوا مِن ثِمارِ الجَنَّةِ و نَعيمِها و أنهارِها مُتَهَنِّئينَ مُستَمرِئينَ بِها نَتيجةً لِما سَلَفَ مِنكُم مِنَ الطَّاعَةِ و الوِلايَةِ في الأيّام الفاثِيَة الخالِيَة الماضِيَةِ مِنَ الدُّنيا ،

(‌ و أمّا مَن اُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ فيَقولُ‌ يا ليتَني لَم اُوتَ كِتابِيَه و لَم أدرِ ما حِسابِيَه )

و أمّا حالُ مَن اُعطِيَ كتابُ عَمَلِهِ بِيَسارِهِ مِن مُخالِفي آلِ محمّدٍ (ص) فيَقولُ مُتَمَنِّياً والتَّمَنّي رَأسُمالِ المُفلِسين : يا لَيتَني لَم اُعطَ كِتابُ عَمَلي و لَم أعلَم كَيْفَ يكونُ حِسابي ،

( يا لَيْتَها كانَتِ القاضِيَةُ‌ ما أغنيٰ عَنّي مالِيَه هَلَكَ عَنّي سُلطانِيَه )

و يقولُ‌ يا لَيْتَ مَوتَتي كانَتِ‌ القاضِيَةُ عَلَيَّ إليٰ الأبَد و لَم اُحشَر بَعدَها واليومُ ما أغنيٰ عَنّي مالي عن جَزاءِ عَمَلي و قَد ذَهَبَ عنّي و فَنيٰ وانعَدَمَ سُلطاني و مُلكي و خِلافَتي !!!

( خُذوهُ فَغُلّوهُ ثُمَّ الجَحيمَ صلّوهُ ثُمَّ في سِلسِلَةٍ ذَروعُها سَبعونَ ذِراعاً فاسلُكوهُ )

فَيُنادي عليٌّ (ع) قَسيمُ النّارِ ‌و الجَنَّةِ مَلائِكَةَ العَذابِ قائِلاً : خُذُوا هذا المُنكِر لِوِلايَتي فَغُلّوهُ بالأغلالِ ثُمَّ إليٰ الجَحيمِ صَلّوهُ ثُمَّ في سِلسِلَةٍ ناريَّةٍ طولُها سبعونَ ذِراعاً فاربُطوهُ ،

( إنّهُ كانَ لا يُؤمِنُ باللهِ العَظيمِ و لا يَحُضُّ عليٰ طَعامِ المِسكينِ فَلَيسَ لَهُ اليومَ هاهُنا حَميمٌ )

و يَقولُ لِلمَلائِكَةِ إنّهُ كانَ عَدُوّ اللهِ لا يُؤمِن باللهِ العظيمِ الّذي أمرَهُ بِوِلايَتي و لا يَحُثُّ عليٰ إطعامِ المِسكينِ مِنَ الخُمسِ و الزَّكاةِ فَلَيسَ لهُ هذا اليومُ هاهُنا قَريبٌ يَشفَعُ لَهُ ،

( و لا طَعامٌ إلاّ مِن غِسلين لا يَأكُلهُ إلاّ الخاطِئون )

و ليسَ لهُ اليوم هاهُنا طَعامٌ إلاّ مِن غِسلِين صَديدُ أهلِ النّارِ و غُسالَةُ فروجِهِم لا يأكُلَهُ إلاّ الخاطِئونَ التّارِكونَ لِوِلايَةِ آلِ مُحمّدٍ (ص) ،

(‌ فلا اُقسِمُ بِما تُبصِرونَ و ما لا تُبصِرون )

فلا اُقسِمُ تَعظيماً‌ لِلمُقسم بِهِ و هو ما تُبصِرونَ مِنَ الإنسانِ و الحَيْوانِ و النَّباةِ و الجَمادِ و ما لا تُبصِرونَ مِنَ المَلَكِ و الجِنِّ و العُقولِ والمُجَرَّدات ،

(‌ إنّهُ لَقولُ رَسولٍ كريمٍ‌ و ما هُوَ بِقَولِ شاعِرٍ قليلاً ما تُؤمِنون )

فَقَسماً‌ بِذلكَ كُلِّهِ بالتأكيدِ إنَّ النَّصَّ عليٰ عليٍّ (ع) بالخِلافَةِ و الوِلايَةِ هوَ قَولُ رَسولِ اللهِ الكريمِ الصّادِقِ الأمينِ مُحمّد (ص) و ما هُوَ بِقَولِ شاعِرٍ كما تَتَّهِمونَهُ فَقليلاً ما تُؤمِنونَ بِذلك ،

( و لا بِقَولِ كاهِنٍ قليلاً ما تَذَكَّرون )

و ما هُوَبِقَولِ كاهِنٍ مِنَ الكَهَنَةِ تَكَهُّنَ بِهِ بَل هُوَ وحيٌ يُوحيٰ عَلَّمَهُ شَديدُ القُويٰ قليلاً ما تَتَذَكَّرونَ بِقولِهِ في وِلايَةِ عليٍّ (ع) ،

( تَنزيلٌ مِن رَبِّ العالَمين )

و إنَّ قَوْلَ محمّدٍ (ص) في النَّصِّ عليٰ عليٍّ (ع) بالخِلافَةِ و الوِلايَةِ و إمرَةِ المُؤمِنينَ هُوَ وحيٌ تَنزيلٌ مِنَ اللهِ رَبّ العالَمين في القرآن ،

( و لو تَقَوَّلَ علَينا بَعضَ الأقاويلِ لَأخذنا مِنهُ باليَمينِ ثُمَّ لَقَطَعنا مِنهُ الوَتين )

و عليٰ فَرضِ المُحالِ لَو تَقَوَّلَ علَينا الرَّسولُ بَعضَ الأقاويلِ فَأدخَلَها في الوَحيِ و القُرآنِ و نَطَقَ عَنِ الهَوي لَأخذناهُ مِن يَدِهِ ثُمَّ قَطَعنا نِياطَ قَلبِهِ و عِرقَ حَياتِهِ و قَتلناه ،

( فما مِنكُم مِن أحَدٍ عَنهُ حاجِزين )

و إذا كُنّا نَفعَلُ بهِ ذلكَ عليٰ فَرضِ تَقَوُّلِهِ علَينا فَما كانَ مِنكُم مِنْ أحَدٍ يَحجُزُهُ عنّا و يَمنَعُهُ و يُخَلِّصُهُ مِن عذابِنا ،

(‌ و إنّهُ لَتَذكِرَةٌ لِلمُتّقين )

و بالاقَطعِ و اليَقينِ إنَّ قَولَ مُحمّدٍ (ص) في عليٍّ (ع) و نَصبُهُ لِلخِلافَةِ و الوِلايَةِ مِن بَعدِهِ هُوَ تَذكِرَةٌ‌ لِلمُتّقينِ بِوِلايَةَ عليٍّ أمير المُؤمنين (ع)

( و إنّا لَنَعلَمُ أنَّ مِنكُم مُكَذِّبينَ و إنّهُ لَحَسرَةٌ عليٰ الكافِرين )

و إنّا بالتّأكيدِ نَعلَمُ‌ أنَّ مِنكُم يا أصحابَ مُحمّدٍ (ص) مَن هُم مُكَذِّبينَ بِوِلايَةِ عليٍّ (ع) و نَعلَمُ أنَّ‌ قَولَ مُحمّدٍ (ص) في عليٍّ (ع) لَهُوَ حَسرَةٌ عليٰ الكافِرين الاُمَوِيّينَ و حِزبهم ،

(‌ و إنّهُ لَحَقُّ اليَقين فَسبِّح باسمِ رَبِّكَ العظيم )

و إنّا لَنَعلَمُ أنّ قَولَ مُحمّدٍ (ص) في عليٍّ (ع) لَهُوَ الحَقُّ اليَقينُ مِنَ اللهِ لا رَيْبَ فيهِ فَسَبِّح يا مُحمَّدُ (ص) باسمِ رَبِّكَ العَظيمِ و قَدِّسهُ عليٰ إكمال دينِهِ بِولايَةِ‌ عليٍّ (ع) أمير المؤمنين .

( صَدَقَ اللهُ العَليُّ العَظيمُ )


نشر في الصفحات 1391-1385 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد ألثّانی

اشتراک گذاری :

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *