الإمام عليّ بن محمّدٍ الهادي (ع)
2018-05-29
الإمام عليّ بن موسیٰ الرّضا (ع)
2018-05-29

 

8-الإمام محمّد بن عليٍّ الجواد (ع)

هو الإمام التّاسع محمّد بن علي التّقي الجواد (ع) .

مصدر الجواد أهل البیت (ع)کان میلاده سلام ﷲ علیه بالمدینة في سنة خمس و تسعین و مائة للهجرة في الیوم عاشر من شهر رجب الأصب ، و والدته هي سبیکة النّوبیّة المرسیّة و کانت من أهل بیت ماریة اُمّ المؤمنین اُمّ ابراهیم بن رسول ﷲ (ص) .

تحمّل أعباء الإمامة بالنّصّ من أبیه فور استشهاده و هو في سنّ التّاسعة و عاش حتّیٰ الخامسة و العشرین من العمر فاستشهد مسموماً في بغداد و قد ثبت أنّ اُمّ الفضل سمّته و قد زوّجه المأمون بها فتُوفّي سلخ ذي القعدة فقصیٰ مسموماً عطشاناً حیث منعته من شرب الماء و کان أصغر الأئمّة المعصومین سنّاً و أکثر النّاس برکةً فورد بحقّه أنّه لم یولد مولودُ أکثر برکةً منه في الإسلام و کان کثیر الجود و الکرم و السّخاء و البذل ، فسمّي الجواد ، و ذکر العامّة و الشّیعة أنّه کان أعلم من جمیع الفقهاء و القضاة و أئمّة المذاهب و ذکروا أسئلة یحییٰبن الأکثم قاضي القضاة في عصره منه و أجوبته سلام ﷲ علیه و ذکروا أنّه أجاب في مجلسٍ واحدٍ معیّن لأجوبة المسائل في جلساتٍ عدیدة علیٰ ثلاثین ألف مسألة ، فمرّة سأله یحییٰ ین أکثم بحضور المأمون و الفقهاء : ما تقول جعلتُ فداك في محرم قتل صیداً ؟ فأجابه الإمام الجواد (ع) : « قتله في حلًّ أو حرم ٍ؟ عالماً کان المحرم أو جاهلاً ؟ قتله عمداً أو خطأً ؟ حرّاً کان المحرم أو عبداً ؟ صغیراً کان أو کبیراً ؟ مبتدءاً بالقتل أو معیداً ؟ من ذوات الطّیر کان الصّید أم من غیرها ؟ من صغار الصّید أم من کباره ؟ مصرّاً علیٰ ما فعل أو نادماً ؟ في اللّیل کان قتله للصّید أم بالنّهار ؟ محرماً کان بالعمرة إذ قتله أو بالحجّ کان محرماً ؟ »

فتحیّر یحییٰ بن أکثم و بان في وجهه العجز و الإنقطاع و تلجلج حتّیٰ عرف جماعة أهل المجلس عجزة .

فقال المأمون : أحسنت یا أباجعفر أحسن ﷲ إلیك فإن رأیت أن تسأل یحییٰ عن مسئلة کما سألك ؟ فقال الإمام الجواد (ع) لیحییٰ بن أکثم أسألك ؟ قال بي : ذلك إلیك جعلتُ فداك فإن عرفتُ جواب ما تسألني عنه أجبت و إلاّٰ إستفدته منك . فقال الإمام الجواد :

«أجبني عن رجلٍ نظر إلیٰ امرأة في أوّل النّهار فکان نظره إلیها حراماً علیه فلمّا إرتفع النّهار حلّت له فلمّا زالت الشّمس حرمت علیه فلمّا کان وقت العصر حلّت له فلمّا غابت الشّمس حرمت علیه فلمّا دخل وقت العشاء الآخر حلّت له فلمّا کان وقت انتصاف اللّیل حرمت علیه فلمّا طلع الفجر حلّت له ما حال هذه المرأة ؟ و بما حلّت له و حرمت علیه ؟».

فقال : یحییٰ بن أکثم : وﷲ لا أهتدي إلیٰ جواب هذا السّؤال و لا أعرف فیه فإن رأیت ، أت تفیدنا .

فقال (ع) : « هذه أمةٌ لرجلٍ ، نظر إلیها أجنبيٌّ في أوّل النّهار حراماً علیه ، فلمّا إرتفع النّهار إبتاعها فحلّت له ، و عند الظّهر أعتقها فحرمت علیه ، و وقت العصر تزوّجها فحلّت له ، و وقت المغرب ظاهر منها فحرمت ، و وقت العشاء کفّر فحلّت و منتصف اللّیل طلّقها مرّةً فحرمت و عند الفجر راجعها فحلّت ».

بعد ذلك زوّجه المأمون باُمّ الفضل و یالیته لم یفعل فإنّها قتلت الإمام بالسّم و منعت الماء عنه عند وفاته فاستشهد سلام ﷲ علیه مسموماً عطشاناً و قد رویٰذلك أکثر المؤرّخین کابن شهر آشوب و المسعودي و غیرهما و من العجیب أنّ شیخنا الأعظم المفید (ر) قال في الإرشاد : « و لم یثبت عندي بأنّ اُمّ الفضل سمّته لأشهد به !! » ، فصحیح أنّ الشّهادة علیٰ ذلك فرع لثبوته و لٰکنّ عدم الوجدان لا یدلّ علیٰ عدم الوجود ، فعدم الثّبوت عند المفید لا یدلّ علیٰ عدم الوقوع فالحقّ هو أنّ اُمّ الفضل سمّته بأمر من المستعصم و لا حول و لا قوّة إلاّ بالله العليّ العظیم.

و کم لإمامنا الجواد (ع) من المعجزات و الکرامات ذکرها العامّة کالشّبلنجي و ابن الصّبّاغ و غیرهما و ذکرها الخاصّة إیضاً فمن جملة ذلك ما رواه إبن الصّبّاغ في الفصول المهمّة عن أبي خالد قال :

کنت بالعسکر فبلغني أنّ هناك رجلاً محبوساً أتیٰ به من الشّام مکبّلاً بالحدید و قالوا إنّه تنبّأ – إی إدّعیٰ النّبوّة فأتیت باب السّجن و دفعت شیئاً للسّجّان حتّیٰ دخلت علیه فإذا برجل ذا فهم و عقل و لبّ فقلت : یا هذا ماقصّتك ؟

قال : إنّي کنت رجلاً بالشّام أعبدﷲ تعالیٰ في الموضع الّذي یُقال إنّه نُصب فیه رأس الحسین (ع) فبینما أنا ذات یوم في موضعي مقبلٌ علیٰ المحراب أذکر ﷲ إذ رأیت شخصاً بین یدیّ فنظرت إلیه فقال : قم فقمت معه فمشیٰ قلیلاً فإذا أنا في مسجد الکوفة فقال لي : تعرف هذا المسجد ؟ قلت : نعم هذا مسجد الکوفة ، قال : فصلّي ، فصلّیت معه ، ثمّ خرج فخرجت معه فمشیٰ قلیلاً فإذا نحن بمکّة المشرّفة فطاف البیت فطفتُ معه ثمّ خرج فخرجت معه فمشیٰ قلیلاً فإذا أنا بموضعي الّذي کنت فیه بالشّام ، ثمّ غاب عنّي فبقیت متعجّباً ممّا رأیتُ فلمّا کان في العام المقبل و إذا بذلك الشّخص قد أقبل علیّ فاستبشرت به فدعاني فأجبته ففعل بي کما فعل بي بالعام الماضي فلمّا أراد مفارقتي قلتُ له : سألتك بحقّ الّذي أقدرك علیٰ ما رأیت منك إلاّٰ ما أخبرتني من أنت ؟؟

فقال : « أنا محمّد بن علي بن موسی بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسین بن عليّ بن أبي طالب (ع) ».

فحدّثت بعض من کان یجتمع بي بذلك فرفع ذلك إلیٰ محمّد بن عبدالملك الزّیّات فبعث إلیّ من أخذني من موضعي و کبّلني في الحدید و حملني إلیٰ العراق و حبسني کما تریٰ و ادّعیٰ علیّ بالمحال .

قلت له : فأرفع عنك قصّةً إلیٰ محمّد بن عبدالملك الزّیّات ؟ قال : إفعل .

فکتبت عنه قصّةً و شرحت فیها أمره و رفعتها إلیٰ محمّد بن عبدالملك ، فوقّع علیٰ ظهرها : قل للّذي أخرجك من الشّام إلیٰ هذه المواضع الّتي ذکرتها یخرجك من السّجن الّذي أنت فیه ، فقال إبن خالد : فاغتممت لذلك وسقط ما في یدي و قلت : إلیٰ غد آتیه و آمره بالصّبر و أعده من ﷲ بالفرج و أخبره بمقالة هذا الرّجل المتجبّر .

قال : فلمّا کان من الغد باکرت السّجن فإذا أنا بالحرس و الجند و أصحاب و السّجن و ناسٌ کثیرٌ في همرجةٍ فسألت : ما الخبر ؟ فقیل لي : إنّ الرّجل المتنبّي المحمول من الشّام فُقد البارحة من السّجن وحده بمفرده و أصبحت قیوده و الأغلال الّتي کانت في عنقه مرمیً بها في السّجن لا ندري کیف خلُص منها ؟ و طلب فلم یوجد له أثر و لا خبر و لا یدرون أغُمس في المآء أم عُرج به إلیٰ السّمآء فتعجّبت من ذلك و قلت : إستخفاف إبن الزّیات بأمره و استهزاؤه بما وقع به علیٰقصّته خلّصه من السّجن .


نشر في الصفحات 240-237 من كتاب قدیسة الاسلام

اشتراک گذاری :

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *