الإمام محمّد بن علّي الباقر (ع)
2018-05-29
الإمام الحسین (ع)
2018-05-29

3-الإمام علي بن الحسین (ع)

هو الإمام الرّابع عليّ بن الحسین زین العابدین و سیّد السّاجدین (ع).

والدته العظیمة إسمها شهربانو و لقبها شاه زنان إي ملکة النّسآء بنت یزدجرد بن شهریار بن شیرویه بن کسریٰ أنوشیروان العادل ملك الملوك للفرس ؛ الّذي قال فیه استاذ علم النّحو أبو الأسود الدّئلي (ر ض) :

و إنّ غلاماً بین کسریٰ و هاشم ٍ

لأکرم من نیطت علیه التّمائم

ولد سلام ﷲ علیه یوم الخامس من شعبان کما رواه إبن طلحة في مطالب السّؤول ، في سنة ثمان و ثلاثین من الهجرة و کنیته أبومحمّد (ع) ، و تسلّم الإمامة بنصٍّ من أبیه الحسین بعد استشهاده یوم عاشوراء و عاش حتّیٰ سنة أربع و تسعین حیث استشهد مسموماً یوم الخامس و العشرین من المحرّم في المدینة و دفن بالبقیع عند عمّه الحسن (ع) ، و قد سمّه الولید بن عبد الملك الأموي لعنة ﷲ علیه .

و قد اُسر مع الحریم الهاشمیّات یوم عاشوراء فکان مسبّیاً من کربلاء إلیٰ الکوفة و إلیٰ الشّام ثمّ منه إلیٰ کربلاء فالمدینة.

و کان آیةً في الزّهد و العبادة و التّوسّل و المناجاة و الدّعاء و صحیفته السّجّادیّة زبور آل محمّد و اُخت القرآن بین یدیك ، و یکفي في تعریفه قصیدة الفرزدق في حقّه بحضورٍ من هشام بن عبد الملك في بیت ﷲ الحرام فأنشد قائلاً :

هذا الّذي تعرف البطحاء طأته

و البیت یعرفه و الحّل و الحرام

هذا ابن خیر عباد ﷲ کلّهم

هذا التّقي النّقي الطّاهر العلم

إذا رأته القریش قال قائلها :

إلیٰ مکارم هذا ینتهي الکرم

یُنمی إلیٰ ذروة العزّ الّتي قصرت

عن نیلها عرب الإسلام و العجم

یکاد یُمسکه عرفان راحته

رکن الحطیم إذا ما جاءیستلم

یُغضي حیاءً و یُغضیٰ من مهابته

فما یُکلّم إلاّٰ حین یبتسم

من جدّه دان فضل الأنبیاء له

و فضل اُمّة دانت له الاُمم

ینشقّ نور الهدیٰ عن نور غرّته

کالشّمس ینجاب عن إشراقها الظّلم

مشتقّةٌ من رسول ﷲ نبعته

طابت عناصره و الخلق و الشّیم

هذاابن فاطمة إن کنت جاهله

بجدّه أنبیاء اﷲ قد ختموا

اللهُ شرّفه قدماً و فضّله

جریٰ بذاك له في لوحه القلم

فلیس قولك من هذا بضائره

العُرب تعرف من أنکرت و العجم

کلتا یدیه غیاث عمّ نفعهما

یستوکفان و لا یعروهما العدم

سهل الخلیقة لاتُخشیٰ بوادره

یزینه اثنان حسن الخلق و الکرم

حمّال أثقال أقوام ٍإذا قدحوا

حلو الشّمائل تجلو عنده النّعم

لا یُخلف الوعد میمونٌ نقیبته

رحب الفناء أریبٌ حین یعتزم

ما قال لاٰ قطّ إلاّٰ في تشهّده

لولا التّشهّد کانت لاؤه نعم

عمّ البریّة بالإحسان فانقلعت

عنه الغیابة و الإملاق و العدم

من معشرٍ حبّهم دینٌ و بغضهم

کفرٌ و قربهم منجیٰ و معتصم

إن عدّ أهل التّقیٰ کانوا أئمّتهم

أو قیل من خیر أهل الأرض قیل هُمُ

لا یستطیع جوادٌ بعد غایتهم

و لا یُدانیهم قومٌ و إن کرموا

هم الغیوث إذا ما أزمةٍ أزمت

و الاُسد اُسد الشّریٰ و النّاس محتدم

لا یُنقص العسر بسطاً من أکفّهم

سیّان ذلك إن أثروا و إن عدموا

یستدفع السّوء و البلویٰ بحبّهم

و یُستزاد به الإحسان و النّعم

مقدّمٌ بعد ذکر ﷲ ذکرهم

في کلّ بدءٍ و مختومٌ به الکلم

یأبیٰ لهم أن یحلّ الذّم ساحتهم

خیرٌ کریمٌ و أیدٍ بالنّدیٰ هضم

أیّ الخلائق لیست في رقابهم

لأوّلیّة هذا أو له نِعم

من یعرف ﷲ یعرف أوّلیّة ذا

و الدّین من بیت هذا ناله الاُمم

وناهیك عن الصّحیفة السّجّادیّة و أدعیة مولانا زین العابدین عليّ بن الحسین (ع) فهي بحقًّ إنجیل أهل البیت (ع) و زبور آل محمّد و قد جمعت قد الصّحیفة الأولیٰ و الثّانیة و الثّالثة و الرّابعة و الخامسة ، فالأولیٰ هي الّتي ورثها زید بن عليّ الشّهید و أولاده منه سلام ﷲ علیه و الثّانیة هي الّتي جمعها الشّیخ الحرّ العاملي فیها مافات الصّحیفة الأولیٰ من أدعیته سلام ﷲ علیه و الثّالثة هي الّتي جمعه المیرزا عبدﷲ الأفندي صاحب الرّیاض تلمیذ العلاّمة المجلسي (ق) و الرّابعة هي الّتي جمعها الشّیخ المیرزا النّوري (ق) و الخامسة هي الّتي جمعها السّیّد الأمین العاملي (ق) و کلّها من أدعیة مولانا زین العابدین و سیّد السّاجدین عليّ بن الحسین (ع) و هي بحقًّ اُخت القرآن کما أنّ کلام جدّه علي أمیرالمؤمنین (ع) هو أخ القرآن لفظاً و معنیً و فصاحةً و بلاغةً و إعجازاً ، فعلیٰ کلّ مسلم یروم العرفان الإلهیٰ المحض و الصّفاء الرّوحي و الکمال المعنوي أن یهتمٌ بصحائفه و یُناجي ربّه بها ، فهي عالیة المضامین جدّاً و تنیر القب و الرّوح معاً وتنیر العقل و الفکر ، فهي مدرسةٌ تربویّة إسلامیّة حقّه لا یستغنی عنها أیّ مسلم أبداً و إلیك الإشارة إلیٰ بعض جملاته سلام ﷲ علیه و ما أروعها ، یقول (ع) :

«أللّهمّ إنّ قلوب المخبتین إلیك و الهة !!! وسبل الرّاغبین إلیك شارعة و أعلام القاصدین إلیك واضحة و أفئدة العارفین منك فازعة و أصوات الدّاعین إلیك صاعدة و أبواب الإجابة لهم مفتّحة و دعوت من ناجاك مستجابة و توبة من أناب إلیك مقبولة و عبرة من بکیٰ من خوفك مرحومة و الإغاثة لمن استغاث بك موجودة و الإعانة لمن استعان بك مبذولة و عداتك لعبادك منجزة و زلل من استقالك مُقالة و أعمال العاملین لدیك محفوظة و أرزاقك إلیٰ الخلائق من لدنك نازلة و عوائد المزید إلیهم واصلة و ذنوب المستغفرین مغفورة و حوائج خلقك عندك مقضیّة و جوائز السّائلین عندك موفّرة و عوائد المزید متواترة وموائد المستطعمین معدّة و مناهل الظّماء مترعة أللّهمّ فاستجب دعائي و اقبل ثنائي و اجمع بیني و بین أولیائي … إلخ »

و إلیك هذا الاُنموذج من دعائه (ع) :

« و قد نزل بي یا ربّ ما قد تکأّدني ثقله و ألـمّ بي ما قد بهظني حملة و بقدرتك أوردته علّي و بسلطانك وجّهته إلیّ فلا مصدر لما أوردت و لاصارف لما وجّهت و لا فاتح لما أغلقت و لا مغلق لما فتحت و لا میسّر لما عسّرت و لا ناصر لمن خذلت فصلّ علیٰ محمّد و آله و افتح لي یا ربّ باب الفرج بطولك و اکسر عنّي سلطان الهمّ بحولك و أنلني حسن النّظر فیما شکوت و أذقني حلاوة الصّنع فیما سألت وهب لي من لدنك رحمةً و فرجاً هنیاً و اجعل لي من عندك مخرجاً و حیّاً و لا تشغلني بالإهتمام عن تعاهد فروضك و إستعمال سنّتك فقد لما نزل بي یا ربّ ذرعاً و امتلأتُ بحمل ما حدث علیّ همّاً و أنت القادر علیٰ کشف ما منیتُ به و دفع ما وقعتُ فیه فافعل بي ذلك و إن لم أستوجبه منك یا ذا العرش العظیم و یا ذا المنّ الکریم فأنت قادرُ علیٰ ذلك یا أرحم الرّاحمین آمین ربّ العالمین ».

و ما أعظم موقف الإمام السّجّاد (ع) حینما وقف خطیباً في مجلس یزید اللّعین و قد خطب تلك الخطبة البلیغة و عرّف نفسخ للجماهیر قائلاً:

« ألحمد لله الّذي لا بدایة له ، و الدّائم الّذي لا نفاد له ، و الأوّل الّذي لا اوّلیّة له ، و الآخر الّذي لا آخریّة له ، و الباقي بعد فناء الخلق ، قدر اللّیالي و الأیّام و قسم فیما بینهم الاقسام ، فتبارك ﷲ الملك العلام » إلیٰ أن قال :

« أیّها النّاس أعطینا ستّاً و فضّلنا بسبع : أعطینا العلم و الحلم و السّماحة و الفصاحة و الشّجاعة و المحبّة في قلوب المؤمنین و فضّلنا بأن منّا النّبيّ و الصّدّیق و الطّیّار و أسد رسوله و سبطا هذه الامّة ، أیّها النّاس أنا ابن مکّة و منیٰ أنا ابن زمزم و الصّفا أنا أنا ابن من حمل الرّکن بأطراف الرّاد أنا ابن خیر من ائتزر و ارتدیٰ و خیر من طاف و سعیٰ و حجّ و لبّیٰ أنا ابن من حمل علیٰ البراق و بلغ به جبرئیل سدرة المنتهیٰ فکان من ربّه کقاب قوسین أو أدنیٰ أنا ابن من صلّیٰ بملائکة السّماء انا ابن من أوحیٰ إلیه الجلیل ما أوحیٰ أنا ابن من ضرب بین یدی رسول ﷲ ببدر و حنین و لم یکفر بالله طرفة عین أنا ابن صالح المؤمنین و وارث النّبیّین و یعسوب المسلمین و نور المجاهدین و قاتل النّاکثین و القاسطین و المارقین و مفرّق الأحزاب أربطهم جأشاً و أمضاهم عزیمة ذاك أبوالسّبطین الحسن و الحسین علي بن أبي طالب .

أنا بن فاطمة الزّهراء سیّدة النّساء و ابن خدیجة الکبریٰ . أنا ابن المرمّل بالدّماء أنا ابن ذبیح کربلاء أنا ابن من بکیٰ علیه الجنّ في الظّلماء و ناحت الطّیر في الهواء .

فلمّا بلغ هذا الموضع ضجّ النّاس بالبکاء و خشي یزید الفتنة فأمر المؤذّن أن یُؤذّن للصّلاة فقال المؤذّن : ﷲ أکبر ، قال الإمام : ﷲ أکبر و أجلّ و أعلا و أکرم مـمّا أخاف و أحذر فلمّا قال المؤذّن أشهد أن لا إله إلاّﷲ ، قال (ع) : نعم أشهد مع کلّ شاهد أن لا إله غیره و لا ربّ سواه ، فلمّا قال المؤذّن : أشهد أنّ محمّداً رسول ﷲ ، قال الإمام للمؤذّن : أسألك بحقّ محمّد أن تسکت حتّیٰ اکلّم هذا .

و التفت إلیٰ یزید و قال : هذا الرّسول العزیز الکریم جدّك أم جدّي ؟ فان قلت جدّك علم الحاضرون و النّاس کلّهم إنّك کاذب و إن قلت جدّي فلم قتلت أبي ظلماً و عدواناً و انتهبت ماله و سبیت نساءه فویل لك یوم القیامة إذا کان جدّي خصمك فصاح یزید بالمؤذّن : اقلم للصّلاة فوقع بین النّاس همهمة و صلّیٰ بعضهم و تفرّق الآخر.

هذا ما ذکره صاحب نفس المهموم في (ص:242) و لکنّ الّذي ذکره الخوارزمي فهو أطول من هذا . راجع (ج:2 ص:69)

و ذکر الخوارزمي في مقتله (ج:2 ص:72) :

و التفت رسول قیصر إلیٰ یزید و قال إنّ عندنا في بعض الجزائر حافر حمار عیسیٰ (ع) و نحن نحجّ إلیه في کلّ عام من الأقطار و نهدي إلیه النّذور و نعظّمه کما تعظّمون کتبکم فأشهد انّکم علیٰ باطل . فأغضب یزید هذا القول و أمر بقتله فقام إلیٰ الرّأس و قبّله و تشهّد الشّهادتین و عند قتله سمع أهل المجلس من الرّأس الشّریف صوتاً عالیاً فصیحاً :

« لا حول و لا قوّة إلاّٰ بالله ».

نشر في الصفحات 219-214 من كتاب قدیسة الاسلام

اشتراک گذاری :

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *