آثار حضرت آیت الله حاج سید محمد حسینی میلانی
2016-02-03
والدة القدّیسة
2018-05-13

ولادة النّور

﴿ اﷲُ…
نور السّماوات و الأرض
مثل نوره کمشکاةٍ فیها مصباح
ألمصباح في زُجاجة ،
ألزّجاجة …
کأنّها کوکبٌ درّیٌّ یوقد من
شجرةٍ مبارکةٍ زیتونةٍ لا شرقیّةٍ و
لا غربیّةٍ یکاد زیتها یضيء و لو لم
تمسسهُ نارٌ نورٌ علیٰ نور یهدي
اﷲ لنوره من یشاء﴾

تلك هی المولودة من نورالله فاطمة أمة الله بنت محّمد (ص) مشکاة نور اﷲ فهي المصباح في زجاجة و هي الکوکب الدّريّ المتوقّد من شجرة النّبوّة و الرّسالة المبارکة .

و هي معصومةٌ مطهّرةٌ زیتونةٍ لا شرقیّةٍ و لا غربیّةٍ یکاد زیتها یضيء بذرّیّتها باستمرار إلیٰ یوم القیامة إمامٌ بعد إمامٍ حتّی الإمام الثّاني عشر المهديّ المنتظر سلام اﷲ علیهم أجمعین .

هم النّور نور اﷲ جلّ جلاله .

حیث قال والدها رسول اﷲ (ص) :

« خلق اﷲ نور فاطمة قبل أن یخلق الأرض و السّماء».

و أمرونا أولادها (ع) بأن نخاطبهم بذلك و نشهد علیه فنقول :

« و کنتم أنواراً بعرشه محدقین حتّی منَّ اﷲ علینا بکم فجعلکم في بیوتٍ أذن اﷲ أن ترفع و یذکر فیها اسمه …. الخ»

أجل ، صرّح بذلك جدّهم الصّادق الأمین (ص) فقال : « أوّلُ ما خلق اﷲ نوري» ! ثمّ قال (ص): « أنا وعليُّ من شجرةٍ واحدةٍ و سائر النّاس من شجرٍ شتّیٰ».

و أروي عن السّیّد هاشم البحراني (ق) فی غایة المرام عن شرف الدّین النّجفی فیما نزل في أهل البیت (ع) من القرآن عن الشّیخ أبی محمّد الفضل بن شاذان بأسناده عن جابر بن یزید الجعفي عن الإمام العالم موسیٰ بن جعفرالکاظم (ع) قال :

« إنَّ اﷲ تبارك و تعالیٰ خلق نور محمّدٍ من نورٍ إخترعه من نور عظمته و جلاله ، و هو نور لاهوتیّته الّذی تبدّیٰ إلٰه و تجلّیٰ لموسی (ع) فی طور سیناء فما استقرّ له و لا أطاق موسی لرؤیته و لا ثبت له حتّیٰ خرّ صعقاً مغشیّاً علیه و کان ذلك النّور نورُ محمّدٍ (ص) ، فلما أراد أن یخلق محمّداً  منه قسّم  ذلك النّور شطرین ، فخلق من  الشّطر الأوّل محمّداً (ص) ومن الشّطر الآخر عليّ بن أبي طالب و لم یخلق من ذلك النّور غیرهما ،خلقهما اﷲ بیده و نفخ فیهما بنفسه لنفسه و صوّرهما علیٰ صورتهما و جعلهما اُمناء له و شهداء علیٰ خلقه و خلفاء علیٰ خلیقته و عیناً له علیهم و لساناً له إلیهم  قد إستودع فیهما علمه و علّمهما البیان و استطلعهما علیٰ غیبه و جعل أحدهما نفسّه و الآخر روحّه!!!.
و لا یقوم أحدهما بغیر صاحبه ، ظاهرهما بشریّه و باطنهما لا هوتیّه ظهرا للخلق علی هیاکل النّاسوتیّه حتّیٰ یطیقوا رؤیتهما و هو قوله تعالیٰ : ﴿  و للبسنا علیهم ما یلبسون ﴾ ،فهما مقام ربّ العالمین و حجّاباً لخالق الخلائق أجمعین ، بهما فتح اﷲ بدء الخلائق و بهما یختم الملك و التّقادیر .
ثم ّاقتبس من نور محمّد (ص) فاطمة إبنته کما اقتبس نوره من نوره ، و اقتبس من نور فاطمة و علي ألحسن و الحسین کاقتباس المصابیح هم خلقوا من الأنوار ، ألخ »

و أروی عنه إیضاً بأسناده عن أبی هریره عن النّبی (ص) أنه قال :

« لـمّا خلق اﷲ آدم أبوالبشر و نفخ فیه من روحه إلتفت آدم یمنة العرش فإذا في النّور خمسة أشباحٍ سجّداً و رکّعاً ، قال آدم :یا ربّ هل خلقت أحداً من طینٍ قبلي؟
قال:
لا یا آدم ، قال فمن هٰؤلاء الخمسة ؟؟ ألّذین أراهم في هیئتي و صورتي ؟ قال هٰؤلاٰء خمسةٌ من ولدك لو لا هم ما خلقتك ، هٰؤلاٰء خمسةٌ شققت لهم خمسة أسماءٍ من أسمائي لو لا هم ما خلقت الجنّة و النّار و لا العرش و لا الکرسيّ و لا السّماء و لا الأرض و لا الملائکة ولا الإنس و لا الجنّ ، فأنا  المحمود و هذا محمّد ، و أنا العالی و هذا عليّ ، و أنا الفاطر و هذه فاطمة و أنا الإحسان و هذا الحسن و أنا المحسن و هذا الحسین ،آلیت بعزّتي أنّه لا یأتیني أحدٌ بمثقال حبّةٍ من خردلٍ من بغض أحدهم إلاّ أدخلته ناري و لا ابالي ، یا آدم هٰؤلاء صفوتي  بهم انجیهم و بهم اهلکهم ، فاذا کان لك إلیّ حاجةً ،فبهٰؤلاء توسّل ».

فقال النّبيّ (ص) : « نحن سفینة النّجاة من تعلّق بها نجیٰ و من حاد عنها هلك فمن کان له إلیٰ اﷲ حاجةً فلیسأل بنا أهل البیت » .

و رویٰ الشّیخ الکلینی في الکافي باسناده عن المفضّل عن جابر بن یزید الجعفي عن الإمام محمّد بن علیًّ الباقرلعلوم الأوّلین و الآخرین ، فقال : قال لي أبوجعفر : « یا جابر إنّ اﷲ أول ما خلق ، خلق محمّداً صلّیٰ اﷲ علیه و آله و عترته الهداة المهتدین ، فکانوا أشباح نورٍ بین یدی اﷲ» .

قلت : وما الأشباح ؟؟ قال :

«ظلّ النّور ، أبدانُ نورانیّةُ بلا أرواح ، و کان مؤیّداً بروح واحدة و هي روح القدس فبه کان یعبد اﷲ ، و عترته کذلك و لذلك خلقهم حلماء علماء بررة أصفیاء یعبدون اﷲ بالصّلاة و الصّوم و السّجود و التّسبیح و التّهلیل و یصلّون الصّلواة و یحجّون و یصومون ».

فلمّا خلق اﷲ آدم (ع)بقدرته من طینٍ ثمّ نفخ فیه من روحه أودع في صلبه هذا النّور المشتق من نوره ثمّ انتقل منه إلیٰ وصیّه النّبي من بعده ثمّ من نبیًّ إلیٰ نبیًّ حتّیٰ أن انتقل إلیٰ صلب شیبة الحمد عبدالمطّلب الموحّد فانقسم منه شطرین فانتقل شطره إلیٰ صلب عبد اﷲ إبنه و الثاني إلیٰ صلب عمران أبوطالب فکان الأوّل هو محمّدُ (ص) و الثّاني عليّ بن  أبي طالب صلوات اﷲ علیه ، ثم ّولدت فاطمة من نور محمّد (ص) و التقت بنور عليٍ فتوقّد من نورهما الأنوار المقدّسة الأئمّة المعصومین سلام اﷲ علیهم أجمعین.

فرویٰ الکلینی إیضاً بأسناده عن أحمد بن علي بن عبد اﷲ بن عمر بن عليّ بن أبي طالب (ص) عن أبي عبد اﷲ جعفر بن محمّد الصّادق (ع) قال :

« إنّ اﷲ کان إذ لا کان شيء فخلق الکون و المکان و خلق الأنوار الّذي نوّرت منه الأنوار !! و أجریٰ فیه من نوره الّذي نوّرت منه الأنوار و هو النّور الّذي خلق منه محمّداً وعلیّاً ، فلم یزالانورین أوّلین إذ لا شيءٌ کوّن قبلهما ، فلم یزالا یجریان طاهرین مطهّرین في الأصلاب الطّاهرة حتّیٰ افترقا في أطهر الطّاهرین في عبد اﷲ و أبي طالب سلام اﷲ علیهما » .

و أروی عن الشّیخ المجلسی في بحاره عن محمّد بن خالد الطّیالسی و محمّد بن عیسیٰ بن عبید باسنادهما عن جابر بن یزید الجعفي قال : قال أبوجعفر محمّد بن علي الباقر علیهما السّلام :

« یا جابر ، کان اﷲ و لا شيء غیره لا معلوم و لا مجهول ، فأول ما ابتدأ من خلق خلقه أن خلق محمّداً و خلقنا أهل البیت معه من نور عظمته فأوقفنا أظلّةً خضراء بین یدیه ، لا سماءُ و لا أرضُ و لا مکانُ و لا لیلُ و لا نهارُ و لا شمسُ و لا قمر ، یفصل نورنا من نور ربّنا کشعاع الشّمس من الشّمس نسبّح اﷲ تعالیٰ و نقدّسه و نحمده و نعبده حقّ عبادته ، ثمّ بدا الله تعالیٰ أن یخلق المکان ، فخلقه و کتب علیٰ المکان لا إله إلاّ اﷲ محمّد رسول اﷲ علیّ أمیرالمؤمنین و وصّیه به أیّدته و به نصرته ، ثمّ خلق اﷲ العرش فکتب علیٰ سرادقات العرش مثل ذلك ، ثمّ السمّوات فکتب علیٰ أطرافها مثل ذلك ، ثمّ خلق الجنّة و النّار فکتب علیهما مثل ذلك .
ثمّ خلق الملائکة و أسکنهم السّماء ثمّ تراءیٰ لهم اﷲتعالیٰ _ أی تجلّیٰ نوره لهم _ و أخذ علیهم المیثاق له بربوبیتّه و لمحمّدٍ صلّیٰ اﷲ علیه و آله بالنّبوة و لعليًّ بالولایة فاضطربت فرائض الملائکة فسخط اﷲ تعالیٰ علیٰ الملائکة و احتجب عنهم فلا ذوا بالعرش سبع سنین یستجیرون اﷲ من سخطه و یقرّون بما أخذ علیهم و یسألونه الرّضا ، فرضی عنهم بعد ما أقرّوا بذلك، فأسکنهم بذلك الإقرار ألسّماء و اختصّهم لنفسه و اختار هم لعبادته ، ثمّ أمر اﷲ تعالیٰ أنوارنا أن تسبّح فسبّحنا فسبّحت الملائکة بتسبیحنا و لو لا تسبیح أنوارنا مادروا کیف یقدّسونه !
ثمّ إنّ اﷲ خلق الهواء فکتب علیه _ إی علیٰ أمواج الأثیر_ لا إله إلاّ اﷲ محمّدُ رسولُ اﷲ علیُّ أمیرالمؤمنین وصیُّه به أیّدته و به نصرته .
ثمّ خلق اﷲ الجنّ فأسکنهم الهواء و أخذ المیثاق منهم له بالرّبوبیّة و لمحمّدٍ صلّیٰ اﷲ علیه و آله بالنّبوة و لعلیًّ بالولایة ، فأقرّ منهم من أقرّ و جحد منهم من جحد فأول من جحد إبلیس لعنه اﷲ فختم له بالشّقاوة و ما صار إلیه ، ثمّ أمر اﷲ تعالیٰ أنوارنا أن تسبّح فسبّحت فسبَّحوا بتسبیحنا و لو لا ذلك مادروا کیف یسبّحون اﷲ …
ثم ّخلق الله الأرض فکتب علیٰ اطرافها ، لا إلٰه إلاّ الله محمّدُ رسول الله عليُّ أمیرالمؤمنین وصیّه به أیّدته و به نصرته ، فبذلك یا جابر قامت السّماوات بلا عمد و ثبتت الأرض.
ثمّ خلق اﷲ تعالیٰ آدم علیه السّلام من أدیم الأرض فسوّاه و نفخ فیه من روحه ، ثمّ أخرج ذرّیّته من صلبه فأخذ علیهم المیثاق له بالرّبوبیتّه و لمحمّدٍ بالنّبوّة و لعليّ بالولایة ، أقرّ منهم من أقرّ و جحد منهم من جحد ، فکنّا أوّل من أقرّ بذلك .
ثمّ قال لمحمّدٍ (ص) : وعزّتي و جلالي لولاك و لو لا عليُّ و عترتکما الهادون المهدیّون الرّاشدون ما خلقت الجنّة و لا النّار و لا المکان و لا الأرض و لا السّماء و لا الملائکة ولا خلقاً یعبدني .
یا محمّد أنت حبیبی و خلیلی و صفّیي و خیرتي من خلقي أحبُّ الخلق إلیَّ و أوّل من ابتدأت من خلقي ثمّ من بعدك الصّدّیق عليّ بن أبی طالب أمیرالمؤمنین وصیُّك ، به أیّدتك و نصرتك و جعلته العروة الوثقیٰ و نور أولیائي و منار الهدیٰ ثمّ هٰؤلاء المهتدون ، من أجلکم إبتدأت خلق ما خلقت فأنتم خیار خلقي و أحبّائي و کلماتي و أسمائي الحسنی … ألخ » .

وبما أنّهم سلام اﷲ و برکاته علیهم أنوارُ مقدّسةُ من معدن نور اﷲ جلّ جلاله لذلك فقد علّمونا کیف نخاطب أمیرالؤمنین (ع) في زیارته حیث نقول : ( السّلام علیك یا أمیرالمؤمنین … إلیٰ قولنا :

السّلام علی ٰ نور اﷲ فی الظلمات السّلام علیٰ من ردّت له الشّمس فقضیٰ ما علیه من الصّلوات … ألخ ) .

و حینما نقف زائرین سیّد الشهداء الإمام الحسین بن فاطمة (ع) نقول :

( أشهد أنّك کنت نوراً في الأصلاب الشامخة و الأرحام المطهّرة ألخ ) .

و نخاطب الإمام عليّ بن الحسین السّجاد (ع) : ( نور العارفین و زین العابدین و سیّد السّاجدین ) .

و هکذا ینعت الإمام محمّد بن علیًّ الباقر ( ع) في الدّعاء المأثور بعد زیارة العسکري (ع) بالنّور ، فنقول :

( و بمحمّد بن عليّ الباقر الطّاهر ألنّور الباهر … ألخ ) .

و في الصّلاة علیٰ جعفر بن محمّد الصّادق (ع) نقول :

( أللّهمّ صلّ علیٰ جعفر بن محمّد الصّادق خازن العلم الدّاعي إلیك بالحقّ ، ألنّور المبین … ألخ ) .

و في زیارة الإمام موسیٰ بن جعفرٍ الکاظم (ع) نقول :

( ألسّلام علیك یا نور اﷲ في ظلمات الأرض … ألخ ) .

و في الصّلاة علیه نقول :

( أللّهم صلّ علیٰ الأمین المؤتمن موسیٰ بن جعفرٍ الوفيّ الطّاهر الزّکي ألنّور المنیر… ألخ) .

و حینما نزور الإمام الرّضا عليّ بن موسیٰ (ع) نقول في زیارته :

( ألسّلام علیك یا نور اﷲ في ظلمات الأرض ) .

و في الصّلاة علیٰ الإمام الجواد محمّد بن عليّ التّقی (ع) نقول :

( أللّهمّ صلّ علیٰ محمّد بن علي بن موسیٰ علم التّقیٰ و نور الهدیٰ .. ألخ ) .

و في الصلاة علیٰ الإمام الهادي عليّ بن محمّد النقي (ع) نقول :

( أللّهمّ کما جعلته نوراً یستضییء به المؤمنون .. ألخ ) .

و في الصّلاة علیٰ الإمام العسکريّ الحسن بن علیٍّ والد المهدي (ع)  نقول :

( أللّهم صلّ علیٰ الحسن بن عليّ بن محمّد ألبرّ التّقی الصّادق الوفي ، النّور المضیيء …ألخ ) .

و عند ما نقف خاشعین لنسلّم علیٰ بقیّة اﷲ في الأرضین و خاتم الوصیّین و آخر الأئمّة المعصومین ، أمرونا بأن نقول له فیما نقول:

( ألسّلام علیك یا بن الأنوار الزّاهرة )

فنشهد بین یدی إمام زماننا المهدي روحي فداه بأنّ آباءه هم الأنوار الزّاهرة ، ثمّ نخاطبه سلام اﷲ علیه و نقول :

( ألسّلام علیٰ النّور الذي أراد أهل الکفر إطفاءه فأبیٰ اﷲ إلاّٰ أن یُتمّ نوره بکرههم وأیّده بالحیاة حتّیٰ یظهر علیٰ یده الحقّ برغمهم … ألخ ) .

وفي الزّیارة الاُخریٰ الّتي یرویها السّیّد إبن طاووس نخاطبه و نقول :

( ألسّلام علیٰ السّیف الشّاهر و القمر الزّاهر و النّور الباهر … ألخ) .

فالأئمّة (ع) هم أشعّة نور فاطمة و عليّ ، و نور فاطمة من نور رسول اﷲ و نوره من نور اﷲ ، و اﷲ نور السّماوات و الأرض .

و لهذا فإن دعاء النّور مأثورٌ عن فاطمة (ع) و قد علّمت سلمان المحمّديّ به رواه السّیّد إبن طاووس (ق) في مهج الدّعوات عن سلمان الفارسی (ق) قال في حدیثٍ مفصَّل :

أعطتني فاطمة علیها السّلام رطباً لا عجم له و قالت :

هو من نخلٍ غرسه اﷲ لي في دارالسّلام بکلامٍ علّمنیه أبي محمّدٌ (ص) کنت أقوله غدوةً و عشیّةً .

قال سلمان علّمیني الکلام یا سیّدتي ، فقالت :

إن سرّك أن لا تمسّك أذیٰ الحمّیٰ ما عشت في دار الدّنیا فواظب علیه .

قال سلمان : فعلّمتني علیها السّلام و علّمت ذلك أکثر من ألف رجل من أهل مکّة و المدینة ممّن بهم علل الحمّیٰ و کلّهم برؤا بإذن اﷲ ، والدّعاء هو :

« بســـــــــــــــــم اﷲ الرّحمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن الرّحـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــیم
بســــــــــــــم اﷲ النّــــــــــــــور ، بســــــــــــــــم اﷲ نـــــــــــور النّـــــــور
بســــــــــــم اﷲ نــــــــورٌ علی نـــــــور ،بســــــــم اﷲ الّــــــــذي
هــــــــــــــــــو مُــــــــــــــــدبّرُ الأُمــــــــــــور بســـــــــــــم اﷲ الّـــــــــــــذي
خــــلق النّــــــــور مــــن النّـــــــور ، ألحــــمدُ للّــــــه الّــــــــــذي
خلق النّور من النّور و أنزل النّور علیٰ الطّور …ألخ »

و بتعلیم النّبي (ص) لفاطمة هذا الدّعاء یرید أن یعلن للملأ بأنّ فاطمة هي النّور ، و قد خلق اﷲ نور فاطمة (ع) من نور محمّد (ص) و نور محمّد (ص) من نوراﷲ جلّ جلاله ،

فهکذا بولادة فاطمة کانت ولادة النّور !!!

و هناك أسرارٌ اخریٰ عن ولادتها فلنبحث عنها فی کلام والدها العظیم (ص) ألّذي لا ینطق عن الهویٰ مطلقاً ، فقد رویٰ الشّیخ الصّدوق (ق) في أمالیه عن رسول اﷲ (ص) أنّه قال :

« لـمّا عُرج بي إلی السّماء أخذ بیدي جبرئیل فأدخلني الجنّة فناولي من رطبها فأکلته فتحوَّل ذلك نطفة في صلبي فلمّا هبطت إلیٰ الأرض واقعت خدیجة و حملت بفاطمة ففاطمةُ حورآءُ إنسیّة فکلّما إشتقت إلیٰ رائحة الجنّة شممت رائحة ابنتي فاطمة » .

کما رویٰ الذّهبي و الهیثمي و العسقلاني و الخطیب البغدادي روایة اُخریٰ عن رسول اﷲ (ص) أنّه قال لعائشة :

« نعم یا عائشة إنّي لـمّا اُسري بي إلیٰ السّماء أدخلني جبرئیل الجنّة فناولني منها تفّاحة فأکلتها فصارت نطفة في صلبي فلمّا نزلت واقعت خدیجة ، ففاطمة من تلك النّطفه و هي حوراء إنسیّة کلّما إشتقت إلیٰ الجنّة قبّلتها ».

و هناك روایة ثالثة ذکرها الطّبري و النیسابوري و الدّمشقي و الذّهبي و العسقلاني و القندوزي عن إبن عبّاس ( ر ض ) قال : کان النّبي (ص) یُکثر القبل لفاطمة (ع) فقالت عائشة : إنك تکثر القبل لفاطمة ؟ فقال (ص) :

« إنّ جبرئیل لیلة أسریٰ بي أدخلني الجنّة فأطعمني من جمیع ثمارها فصاره ماءً في صلبي فحملت خدیجة بفاطمة ، فاذا اشتقت لتلك الثّمار قبلت فاطمة فأصبت من رائحتها جمیع تلك الثّمار الّتي أکلتها ».

فعلیٰ هذا تمتاز فاطمة (ع) علیٰ غیرها حتّیٰ والدها رسول اﷲ (ص) و هي بضعةُ منه أنّها إنعقدت نطفتها من ثمار الجنّة فقط فجائت من الجنّة إلیٰ صلب النّبيّ (ص) و منه إلیٰ رحم خدیجة (ع) فتحوّلت إلیٰ جسمٍ بشريٍّ نوراني .

فهکذا کان میلاد النّور !!!

فوُلدت فاطمة (ع) روحها من النّور الإلٰهي و جسمها من ثمار الجنّة فسبحان الخالق المصوّر المبدع حیث خلق حوراء الجنّة علیٰ الأرض إنسیّةً فلمّا کان الیوم العشرین من جمادیٰ الثاني من السّنة الخامسة من البعثة کان ولادة نور فاطمة (ع) في مکّة المکرّمة علیٰ ما ذکره الکلیني و غیره من الثّقات .

و کانت فاطمة (ع)عطیّة اﷲ ومنحته الإلٰهیّة لحبیبه محمّدٍ (ص) حیث خاطبه قائلاً :

﴿ أنا أعطیناك الکوثر ﴾ !!

فما أعظم هذا العطاء ، و ما أکرمَه و ما أسخاه ، ثمّ ما أجلَّه و أجمله ، و ما أعظم هذه العطیّة و ما أجلّها و أجملها !!!

فإذا کانت الهدایا علیٰ قدر مُهدیّها فإنّ عطیّة اﷲعلیٰ قدره .

لذلك فإنّ هذه العطیّة الإلٰهیّة تستوجب الصّلاة لله و القربان له .

﴿ فصل لربَّکَ و انحّر ﴾ !!

فصلّیٰ رسول اﷲ صلاة الشّکر للّٰه لإعطائه فاطمة (ع) ثمّ عقَّ عنها و نحر لله القربان ، وعقَّ عنها العقیقة و أطعمها المسلمین .

و کانت هذه العطیّة الإلٰهیّة لحبیبه محمّد (ص) في وقتٍ حرجٍ قال فیه شانئیه : إنّه الأبتر المنقطع النّسل ، فأعطاء فاطمة و قال له :

﴿ إنّ شانئك هو الأبتر﴾ !!

فانقطع نسل العاص و بقی بلا عقبٍ و الحمد للّٰه .

فکذّب اللهُ قولَهم فجعل نسل رسوله (ص) و ذرّیّته من فاطمةٍ (ع) إبنته و رغمًا لا نوفهم ، بشّر بأنّه سیرزق منها الکثیر الکثیر من الذّرّیّة ، فبارك اﷲ في فاطمة (ع) و کثّر ذرّیّتها إلیٰ حدًّ نراهم الیوم و الحمد للّٰه  قد ملأوا الأقطار الإسلامیّة و بلاد المسلمین بل تجاوزوها إلیٰ سائر أنحاء المعمورة و جمیع القارّات و بعد أن مضیٰ منهم مثات الملایین في خلال أربعة عشر قرناً الماضیة یوجد منهم الآن عشرات الملایین علیٰ وجه الأرض و کلّهم من فاطمة الزّهراء وحدها !!

فالفاطمیّون نسباً هم الفوعل من الکثرة من فاطمة و لا یجوز لغیرهم أن ینتسبواإلیٰ رسول اﷲ (ص) إذ لم یکونوا من ذرّیّته و إن کانوا من الهاشمیّین نسباً من ذوي قرباه .

فالفاطمیّیون هم وحدهم أولاد رسول اﷲ (ص) و هم کثیرون ماشاء اﷲ بمشیئته النّافذة في خلقه و قد تحقّق وعد اﷲ سبحان بکثرة الذّرّیّة لرسوله (ص) من فاطمة (ع) حیث قال :

﴿ إنّا أعطیناك الکوثر﴾ !!

و لم یبق لشانیء النّبي (ص) أثرُ و لا عینُ بعده لتحقُّق قوله تعالیٰ :

﴿ إنّ شانئك هو الأبتر﴾ !!

فانقطع نسلهم و الحمد لله القائل :

﴿ فأمّا الزَّید فیذهبُ جفاءً و أمّا ما ینفع النّاس فیمکث في الأرض ﴾

و قال تعالیٰ إیضاً :

﴿ و مثل کلمةٍ خبیثةٍ کشجرةٍ خبیثةٍ اجتُثّت من فوق الأرض مالها من قرار ، و مثل کلمةٍ طیّبةٍ کشجرةٍ طیّبةٍ أصلها ثابتُ و فرعها في السّماء تؤتي اُکلها کلّ حینٍ بإذن ربّها و یضرب اﷲ الأمثال للنّاس ﴾

فالشّجرة الطّیّبة هي فاطمة (ع) و لقاحها عليٌّ (ع) أصلها تابتُ من رسول اﷲ (ص) و فرعها في السّماء هم أولادها المعصومین صلّی اﷲ علیهم تؤتي أکلُها کلّ حینٍ حتّیٰ یوم القیامة بإذن ربّها ذرّیّة طیّبة فاطمیّة علویّة حسنیّةٌ أو حسینیّة .

و لهذا روي عن رسول اﷲ (ص) أنّه قال :

أنا الشّجرة ، و فاطمةُ فرعها و عليُّ لقاحها ، والحسن و الحسین ثمرتها ، و شیعتنا ورقها ، فالشّجرة أصلها في جنّة«. .»عدنٍ ، و الأصل و الفرع و اللّقاح و الثّمرُ و الورقُ في الجنّة

فعلیك أخي القارئ العزیز أن تکون من ورق هذه الدّوحة المبارکة الطّیّبة حتّیٰ تکون في الجنّة !!

و لقد أجاد الشّاعر و لا فضّ اﷲ فاه حیث أنشد قائلاً :

یا حــــــبّذا دوحـــةُ في الخــلــد نـــــــابتةُ

ما مثلها نبتت في الخلد من شجر

ألمصطفیٰ أصلها و الفرع فــاطمةُ

ثـــــــــــمّ اللّـــــقاح عــــــلیُّ ســـــــــــیّد البشـــر

و الهــــــاشمیّان ســـــــبطاه لها ثــــــــــــــمرُ

و الشّــــــیعة الورق المــــــلتفُّ بــــــالثّمر

إنــــــــّي بـحبّهم أرجـوا النّـــجاة غداً

و الفوز في زمرةٍ من أفـــضل الزُّمــــر

هــــذا مــــــقال رســـول اﷲ جــاء به

أهل الرّوایة في العـــــــــالی من الخـــــــــبر

و اُحبُّ هنا أن اُکمل شعره هکذا فأقول :

و الهــــــــــــــــاشمیّان ســـــبطاه لــها ثـــمرُ

والزّیــــــــنبان هــــما کــالغصن للشّـــــجر

أهل الولاء إلیٰ الأثــمار هم رغبوا

و الشّـــــــیعة الورق المــــــلتفّ بــــــــالثّمر

و آخر الأبیات تُختم بهذا البیت الذّی نظمته :

ثــــــــــمّ الإلٰـــــــــه لفــــي القــــــرآن أنــــــــزله

في محکم الذّکر و الآیات و السُّور

و بعد أن أشرت إلیٰ بعض میّزات ولادة فاطمة الزّهراء (ع) لا بدّ لي أن أشیر إلیٰ أسرارٍ اخریٰ عنها .

فمن ذلك أنّها کانت تُکلّم اُمّها خدیجةٍ (ع) و هي في بطنها فتؤنسها ، فیدخل علیها رسول اﷲ فیراها تتحدّث و لم  یوجد معها في الدّار من أحدٍ فیسألها من تحدّثین یا خدیجة؟ فتجیب : ألجنین الّذي في بطني یحدّثني و یؤنسني .

و هذا ما لم یسبق له مثیلٌ في النّساء و لم یسبق لخدیجة من قبل !!

فقد ولدت قبلها القاسم و الطّاهر و بعدهم حملت بفاطمة سلام اﷲ علیها ، فلم تسمع ممّن حملت به سابقاً حدیثاً و لا حسیسا و لا صوتاً و لا کلاماً .

و لکنّ فاطمة هذه تحدّثها و تؤنسها في بطنها !!!

و کذلك غیر خدیجة من النّساء فلم یسمعن جنیناً یتکلّم مطلقاً و إذا کان عیسیٰ یتکلّم في المهد مع مریم (ع) ، فهو مولودُ یتکلّم و أمّا فاطمة فهي تتکلّم قبل أن تولد ، و لم یعرف التّاریخ جنیناً یتکلّم في بطن أمّة قبل فاطمة (ع) فسلام اﷲ علیٰ فاطمة و صلواته و تحیّاته و برکاته .

ثمّ حینما قرب ولادتها قال لخدیجة رسول اﷲ (ص) :

«یا خدیجة ، هذا جبرئیل یبشّرني أنّها انثیٰ ، وأنّها النّسمة الطّاهرة المیمونة و أنّ اﷲ سیجعل نسلي منها و سیجعل من نسلها أئمّةً في الامّة و یجعلهم خلفاء في أرضه ».

و حینما وُلدت أشرق منها نورُ حتّیٰ دخل بیوتات مکّة و کانت حقّاً زهراء و لم یبق في شرق الأرض و لا غربها موضعُ  إلاّٰ أشرق فیه ذلك النّور ، فهکذا کانت ولادة النّور .

فکانت توصف بالبدر لإشعاع نورها و جمال طلعتها وضیاء محیّاها فعن أنس بن مالك عن اُمّه قالت : إنّ السّیّدة فاطمة کانت کأنّها القمر لیلة البدر .

فکانت فاطمة الزّهرا (ع) هي الصّورة طبق الأصل لمحیّا والدها رسول اﷲ (ص) ففي کشف الغمّة عن اُم سلمة اُمّ المؤمنین ( ر ض ) قالت : کانت فاطمة بنت رسول اﷲ (ص) أشبه النّاس وجهاً برسول اﷲ (ص) .

و ذکر صاحب کشف الغمّة هٰذین البیتین عن لسان بعض الوعّاظ في وصفها :

خجلاً من نور بهجتها

تنواریٰ الشّمس بالشّفق

و حیاءً لوصف شمائلها

یتغطّیٰ الغصن بالورق

و قد نظمت علیٰ غرار هذین البیتین في وصفها ما یلي :

إشراق ضیاء محیّاها

لیغطّي الشّمس بالاُفق

و جمال جلال خصائلها

یأبیٰ أن یوصف بالنّطق

تمثال فضائل فاطمةٍ

أوصاف محمّد و الخلق

فکانت بأبي هي و اُمّي أشبه النّاس خلقاً و خُلقاً و منطقاً برسول اﷲ (ص) و لهذا کان یقول صلوات اﷲ و سلامه علیه :

«فاطمة بضعةٌ منّي و روحي الذّي بین جنبیّ».

و أمّا حدیث ولادتها فقد رواه کثیرون و أنا هنا أختار روایة الطّبري في ذخائر العقبیٰ (ص :44) حیث قال :

و رویٰ الملاّ في سیرته أنّ النّبي (ص) قال :

«أتاني جبرئیل بتفّاحةٍ من الجنّة فأکلتها و واقعت خدیجة ، فحملت بفاطمة ، فقالت : إنّي حملت حملاً خفیفاً فإذا خرجت حدّثني الّذي في بطني ؛ فلمّا أرادت أن تضع بعثت إلیٰ نساء قریش لیأتینها فیلین منها ما یلي النّساء ممّن تلد فلم یفعلن و قلن : لا نأتیك و قد صرت زوجة محمّد (ص)
فبینما هي کذلك إذ دخل علیها أربع نسوةٍ علیهنّ من الجمال و النّور ما لا یوصف فقالت لها إحداهنّ :
أنا اُمّك حوّا .
و قالت الاُخریٰ : أنا آسیة بیت مزاحم .
و قالت الاُخریٰ : أنا کلثم اخت موسیٰ .
و قالت الاُخریٰ : أنا مریم بنت عمران اُمّ عیسیٰ .
جئنا لنلي من أمرك ما یلي النّساء .
قالت : فولدت فاطمة فوقعت حین وقعت علیٰ الأرض ساجدةُ رافعةُ إصبعها»

فهکذا کانت ولادة نور فاطمة سلام اﷲ علیها ، فجاء النّبيّ (ص) فأخذها فأذّن في اُذنها الیمنیٰ و أقام في الیسریٰ و سمّاها رسول اﷲ بادیء ذي بدءٍ منصورة لکن جبرئیل (ع) أتاه و أبلغه أمر اﷲ بأن یسمّیها فاطمة .

فبالتّأکید إنّ اﷲ جلّ و علا هو سمّاها فاطمة لیفطم بها شیعتها و محبّیها من النّار ، فقد وردت أحادیث کثیرة .

و قد رویٰ ذلك أبن حجر بأسناده عن إبن عبّاس و روي عن أهل البیت إیضاً .

قال إبن عبّاس (ق) :لـمــّا ولدت فاطمة بنت رسول الله (ص) سمّاها منصورة فنزل جبرئیل علیٰ النّبّي فقال :

«إنّ الله یقرءك السّلام و یقریء مولودك السّلام ، فسمّها فاطمة».

وسمّاها اللهُ فاطمة لأنّه فطمها وذرّیّتها و محبّیهم من النّار.

جاء ذلك في أحادیث متواترة عن طریق الفریقین تصرّح :

«سمّیت فاطمة لأنّ اﷲ فطمها و ولدها و محبّیهم من النّار».

و لا تحسبني أیّها القاریء العزیز مغالیاً إذا قلت : إنّ الولادة هذه لیست أوّل ظهورٍ في الوجود لفاطمة الزّهرا (ع) إذ کان نورها مخلوقاً مع نور والدها و بعلها و أولادها المعصومین قبل أن یخلق اﷲ الخلق ، ثمّ إنّ صورتها أیضاً کانت موجودةً في الجنّة !!! و هذا هو ما رواه الرّوات ، و قد رواه صاحب ینابیع المودّة (ص: 309) فی فضائل فاطمة (ع) عن عبد اﷲ بن عبّاس رفعه قال :

لـمـــّا خلق اﷲ آدم و حوّاء علیهما السّلام صارا یفتخران في الجنّة فقالا :

ما خلق اﷲ خلقاً أحسن منّا ! فبینما هما کذلك إذ رأیا صورة جاریةٍ لها نورُ شعشعاني یکاد یطفي الأبصار ، علیٰ رأسها تاجُ و في اذنیها قرطان ؛

قالا : ما هذه الجاریة ؟؟

قال اﷲ تبارك و تعالیٰ : هذه صورة فاطمة بیت محمّدٍ (ص) سیّد الأوّلین و الأخرین ؛

قالا : و ما هذا التّاج علیٰ رأسها ؟

قال : هذا بعلها عليّ بن أبي طالب (ع) ،

قالا : و ما هذان القرطان ؟

قال : الحسن و الحسین (ع) إبناها ، أوجدتُ ذلك قبل أن أخلقکما بألفی عامٍ .

و لعمري إنَّ ولادة خدیحة لفاطمة هي الولادة الثّالثة لها في الوجود .

فالأولیٰ حینما أوجد اﷲ نورها و الثّانیة حنیما أوجد اﷲ صورتها في الجنّة و الثّالثة ولادتها منها ؛ و أمّا الولادة الاولیٰ فقد أشرت إلیها أوّلاً و احبّ أن أختم الحدیث عن ولادة فاطمة إیضاً بروایة حدیثٍ عن إیجاد نور فاطمة و ولادتها الأولیٰ ، کما سمّیناها ، فإلیك الحدیث :

قال صاحب کشف الغمّة في معرفة الأئمّة (ص:90) : و روي في تسمیتها الزّهراء (ع) عن أبي جعفرٍ (ع) أنّه سئل لم سمّیت الزّهراء ؟قال :

«لأن اﷲ تعالیٰ خلقها من نور عظمته فلمّا أشرقت أضاءت السّماوات و الأرض بنورها و غشیت أبصار الملائکة و خرّت الملائکة لله ساجدین و قالوا إلٰهنا و سیّدنا ما هذا النّور ؟
فأوحیٰ اﷲ إلیهم : هذا نورُ من نوري أسکنته في سمائي و خلقته من عظمتي اُخرجه من صلب نبیًّ من أنبیائي اُفضّله علیٰ جمیع الأنبیاء و اُخرج من ذلك النّور أئمّة یقومون بأمري و یهدون إلیٰ حقّي و أجعلهم خلفائي في أرضي بعد إنقضاء وحیي»

و في روایة سلمان المحمّدي رضوان اﷲ علیه کما یرویه الطّبری في دلائل الإمامة (ص:237) عن النّبیّ (ص) قوله :

« یا سلمان خلقني اﷲ من صفوة نوره و دعاني فأطعته و خلق من نوري علیّاً (ع) و دعاه فأطاعه و خلق منّي و من نور عليٍّ فاطمة و دعاها فأطاعته و خلق منّي و من علیًّ و فاطمة ألحسن و دعاه فأطاعه ، و خلق منّی و من علیٍّ و فاطمۀ الحسین و دعاه فأطاعه ، ثمّ سمّانا بخمسة أسماءٍ من أسماءه ،
فالله محمود و أنا محمّد (ص) .
و اﷲ العلیّ و هذا عليّ (ع) .
و اﷲ فاطر و هذه فاطمةُ (ع) .
و اﷲ ذو الإحسان و هذا الحسن (ع) .
و اﷲ المحسن و هذا الحسین (ع) .
ثمّ خلق منّا و من نور الحسین تسعة أئمّة و دعاهم فأطاعوه قبل أن یخلق سماءً مبنیّةً و أرضاً مدحیّةً و لا ملکاً و لا بشراً و کنّا نوراً نسبّح اﷲ ثمّ نسمع له و نطیع … ألخ ».

و هکذا لقد منّ اﷲ تعالیٰ علیٰ عباده و أنعم علیٰ البشریّة بأن أولد الشّعاع من نور خاتم الأنبیاء و خدیجة معدن الوفاء و الشّرف و السّخاء فوُلدت سیّدة النّساء فاطمة الزّهراء (ع).

فحریّ بی أن أقول :

وُلد النّور من النّور و الحوراء من النّبي المحبور فکانت أشرف ربّاتِ الخدور فکبّروا معي أیّها المسلمون و قولوا :

﴿ تبارك اللهُ أحسنَ الخالقین﴾ .

و لقد نظمت بهذه المناسبة علیٰ غرار قوافي الطّلاسم هذه المقطوعة الشّعریّة :

«میلاد النّور»

طلع النّورُ و ها عمَّ السّرور

قد أزاح الظّلمات و الشّرور

فتهادت و تهانت کلّ حور

ما الذّي قالت و أهدت من هدایا ؟ لست أدري .

طرب الطّهر رسول اﷲ إذ أبدیٰ السّرور

باسماً مستبشراً جذلان یزهو کالطّیور

إنّما الأملاك جاءت کی تهنّیه فخور

کم هي الأملاك جاءت تتباهیٰ ؟ لستُ أدري .

تسمع الاُمُّ جنیناً في حشاها یتکلّم

قائلاً لا تحزني یا اُمُّ إنّي أتنسَّم

یدخل الیاسین یُخبرها باُنثیٰ تتبسَّم

ما الذّي قالت له الاُمُّ جواباً ؟ لست أدري .

تضحكُ الاُمُّ بأنغامٍ تُناغي فاطمة

مریمُ آسیةُ حوّاء جاءت خادمة

کلثمُ معهنَّ في خدمتها ها قائمة

کیف هنّ الیوم جاءت و هي تسعیٰ ؟ لست أدري .

وُلدت فاطمةُ زاهرةُ خیرُ کثیر

خلقت تفّاحة القدس لمن صلب البشیر

فتجلّت صورة اللاّهوت زوجاً للأمیر

کیف قد رضّوا لها صدرُ و ضلعُ ؟ لست أدري .

إنّها فاطمةُ خیر نساء العالمین

إنّها بضعة یاسین و خیر المرسلین

إنّها زوجة مولانا أمیرالمؤمنین

إنّها اُمُّ لطــٰه کیف هذا ؟ لست أدري .

وُلدت زهراء فارتجَّ السّماء

أشرقت شمس العلیٰ فاقت ذکاء

وجهها کالبدر بل أقویٰ ضیاء

فلماذا أظلم اللّیل علیها ؟ لست أدري .


نشر في الصفحات 32-13 من كتاب قدیسة الاسلام

اشتراک گذاری :

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *