و أختم کتابي ببعض ما أنشده الشّعراء في القدّیسة الزّهراء سلام ﷲ علیها :
و قد أجاد شاعر أهل البیت (ع) الکمیت حیث صرّح أنّه لیست للزّهراء معادلة غیر مریم العذراء (ع) فقال:
عليّ أمیرالمؤمنین و حقّه
من ﷲ مفروض علیٰ کلّ مسلم
و إنّ رسول ﷲ أوصیٰ بحقّه
و أشرکه في کلّ حقّ مقسّم
و زوّجه صدّیقة لم یکن لها
معادلة غیر البتولة مریم
و قال إیضاً ألسّیّد الحمیري :
حبا علیّاً و حسیناً معاً
و الحسن الطّهر لأطهار
و فاطماً أهل الکساء الالیٰ
خصّوا بإکرام و إیثار
و قال أبوالقاسم الصّنوبري في ضمن قصیدة طویلة :
صلّوا علیٰ بنت النّبي محمّد
بعد الصّلاة علیٰ النّبي أبیها
و ابکوا دماء لو تشاهد سفکها
في کربلاء لما ونت تبکیها
تلك الدّماء لو أنّها توقیٰ إذن
کانت دماء العالمین تقیها
لو أنّ منها قطرة تفدیٰ إذن
کنّا بنا و بغیرنا نفدیها
و قال إیضاً رحمة ﷲ :
من ذا لفاطمة اللّهفاء ینبئها
عن بعلها و ابنها إنباء لهفان
من قابض النّفس في المحراب منتصباً
و قابض النّفس في الهیجاء عطشان
نجمان في الأرض بل بدران قد أفلا
نعم و شمسان إمّا قلت شمسان
سیفان یغمد سیف الحرب إن برزا
و في یمینها للحرب سیفان
و قد قال أبوالمنصور بالله المتوفّی 670 هجریّة في قصیدة عصاء طویلة في فاطمة الزّهراء منها هذه الأبیات :
و زوجة سیّدة النّساء
خامسة الخمسة في الکساء
أنکحها ألصّدّیق في السّماء
فهل لهم کهذه العلیاء ؟
ألله في إنکاحها هو الولي
و جبرئیل مستناب عن علي
و الشّهداء حاملوا العرش العلیٰ
فهل لهم کمثل ذا فاقصصه لي؟
حوریّة إنسیّة سیّاحة
خالقها ﷲ من التّفّاحة
و أکرم الأصل بها لقاحه
فهل تریٰ إنکاحهم إنکاحة ؟
و قال شمس الدّین محفوظ المتوفّي 690 :
أفهل یحیط الواصفون بمدحه
و الذّکر فیها مدائح و ثناء ؟
ذو زوجة قد أزهرت أنوارها
فلأجل ذلك إسمها الزّهراء
و ممّن نظموا في فضائل الصّدّیقة الطّاهرة سلام ﷲ علیها ، هو إبن حمّاد العبدي من شعراء القرن الرّابع قال في قصیدة طویلة :
و قالت امّ أیمن : جئت یوماً
إلیٰ زهراء في وقت الهجیر
فلمّا أن دنوت سمعت صوتاً
و طحناً في الرّجاء بلا مدیر
فجئت الباب أقرعه نغوراً
فما من سامع لي في نغوري
فجئت المصطفیٰ و قصصت شأني
و ما أبصرت من امر ذعور
فقال المصطفیٰ : شکراً لربّي
بإتمام الحباء لها جدیر
رآها ﷲ متعبة فألقیٰ
علیها النّوم ذوالمنّ الکثیر
و وکّل بالرّحا ملکاً مدیراً
فعدت و قد ملئت من السّرور
تزوّج في السّماء بأمر ربّي
ففاطمة المهذّبة الطّهور
و صیّر مهرها خمس الأراضي
بما تحویه من کرم و خیر
للشّاعر عليّ بن حمّاد العبديّ البصري في القرن الرّابع مقال في زواج الصّدّیقة الطّاهرة في قصیدة طویلة :
أمر ﷲ جبرئیل فنادیٰ
رافعاً في السّماء صوتاً جهیراً
و أتاه الأملاك حتّیٰ إذا ما
وردوا بیت ربّنا المعموراً
قام جبریل خاطباً یکثر التّحمید
لله جلّ و التّکبیراً
ثمّ نادیٰ زوّجت فاطم یا ربّ
عليّ الطّهر الفتیٰ یفوق المهوراً
خمس أرضي لها و نهرین و
أوجبت علیٰ الخلق ودّها المحصوراً
فنثرت عند ذاك طوبیٰ
علیٰ الحور عنبراً و عبیراً
و روینا عن النّبيّ حدیثاً
في البرایا مصحّحاً مأثوراً
إنّه قال : بینما النّاس في
الجنّة إذ عاینوا ضیاءأ و نوراً
کاد أن یخطف العیون فنادوا :
أيّ شيء هذا ؟ و أبدوا نکوراً
أو لیس الإله قال لنا : لا
شمس فیها تریٰ و لا زمهریراً ؟
و إذا بالنّداء : یا ساکنی الجنّة
مهلاً ، أمنتم التّغییراً
ذا عليّ الوليّ قد داعب الزّهرا
ء مولاتکم فأبدت سروراً
فبذا إذ تبسمّت ذلك النّور
فزیدوا إکرامه و حبوراً
و من الشعراء الذّین مدحوا الزّهراء سلام ﷲ علیها هو إبن الحجّاج البغدادي المتوفّی 391 هجریّة حیث نظم قصیدته ردّ فیها علیٰ شاعر البلاط العبّاسي إبن سکرة البغدادة و قصیدته التّی هجا فیها أهل البیت (ع) !! فقال : إبن الحجّاج مخاطباً إبن سکرة :
فما وجدت شفاء تستفید به
إلاّٰ ابتغاءك تهجوا آل یس
کافاك ربّك إذ أجرتك قدرته
بسبّ أهل العلیٰ الغرّ المیامین
فقر و کفر همیع أنت بینهما
حتّیٰ الممات بلا دنیا و لا دین
فکان قولك في الزّهراء فاطمة
قول امریء لهج بالنّصب مفتون
عیّرتها بالرّحیٰ و الزّاد تطحنه
لا زال زادك حبّاً غیر مطحون
و قلت : إنّ رسول ﷲ زوّجها
مسکینة بنت مسکین لمسکین
کذبت یا بن الّتي باب استها سلس
الأغلاق باللّیل مفکوك الزّارفین
ستّ النّساء غداً في الحشر یخدمها
أهل الجنان بحور خورّد العین
و ممّن مدحوا الزّهراء (ع) نظماً هو البشنوي الکرديّ المتوفّي 380 فقال :
وقت الّندا في موضع عبرت
فیه البتول ، عیونکم غضّوا
فتغضّ و الأبصار خاشعة
و علیٰ البنان الظّالم الغضّ
تسودّ حینئذ وجوههم
و وجوه أهل الحقّ تبیضّ
و ممن مدحوها في أشعاره هو أبومحمّد الغسّاني العوني من شعراء القرن الرّابع قال :
أنا مولیٰ لمن یقول رسول ﷲ
فیه ما بین جمّ غفیر :
سوف تأتي یوم القیامة رکب
خمسة ما لغیرنا من ظهور
أنا منهم علیٰ البراق و بعدي
بضعتي فاطم تسیر مسیري
تحتها یوم ذاك ناقتي العصباء
تطوی الفجاج طیّ المغیر
و أبي أبراهیم فوق ذلول
عزّ قدراً بنا علیٰ الجمهور
و أخي صالح علیٰ ناقة ﷲ
أمامي في عالم المحشور
و عليّ علیٰ أعزّ من الجنّة
ما خطب نعته بالیسیر
في یدیه من فوق رأسي لواء
الحمد للواحد الحمید الشّکور
و علیه تاج بدیع من النّور
یزاهي بإکلیله المستدیر
و رویٰ الشّیخ الزّرندي في نظم درر السّمطین عن الشّافعي إبن إدریس قوله :
إذا في مجلس ذکروا علیّاً
و سبطیه و فاطمة الزّکیّة
فأجریٰ بعظهم ذکریٰ سواهم
فأیقن أنّه لسقلقیّة
و إذا ذکروا علیّاً أو بنیه
تشاغل بالرّوایات الدّنیّة
و قال تجاوزوا یا قوم هذا
فهذا من حدیث الرّافضیّة
برءت إلیٰ المهیمن من اناس
یرون الرّفض حبّ الفاطمیّة
علیٰ آل الرّسول صلاة ربّي
و لعنته لتلك الجاهلیّة
و من شعراء العامّة هو الخطیب الخوارزمي المتوفی 568 قال في قصیدة طویلة :
ففاطمة و مولانا عليّ
و نجلاه سروري في الکتاب
و من یك دأبه تشیید بیت
فها أنا مدح أهل البیت دأبي
و إن یك حبّهم هیهات عاباً
فها أنا مذ عقلت قرین عاب
و منهم حسّان بن ثابت شاعر رسول ﷲ (ص) فقال :
و إن مریم أحصنت فرجها
و جاءت بعیسیٰ کبدر الدّجیٰ
فقد أحصنت فاطم بعدها
و جاءت بسبطی نبيّ الهدیٰ
و قد مدح الزّهراء و أهل البیت (ع) ، شعراء النّصاریٰ قدیماً و حدیثاً کبولس سلامة و غیره فقد ذکر لنا الطّبري في الجزء 2 من بشارة المصطفیٰ هذه الأبیات عن أبي یعقوب النّصراني :
یا حبّذا دوحة في الخلد نابتة
ما في الجنان لها شبه من الشّجر
ألمصطفیٰ أصلها و الفرع فاطمة
ثمّ اللّقاح عليّ سیّد البشر
و الهاشمیّان سبطاها لها ثمرّ
و الشّیعة الورق الملتفّ بالثّمر
هذا مقال رسول ﷲ جاء به
أهل الرّوایات في العالي من الخبر
إنّي بحبّهم أرجو النّجاة غداً
و الفوز في زمرة من أحسن الزّمر
و قال شمس الدّین المالکي المتوفي 780 :
و زوّجه ربّ السّماء من سماءه
و ناهیك تزویجاً من العرش قد بدی
بخیر النّساء الجنّة الغرّ سؤددا
و حسبك هذا سؤددا لمسوّد
فباتا و جلّ الزّهد خیر حلاهما
و قد آثرا بالزّاد من کان یجتدي
فآثرت الجنّات من حلل و من
حلّی لها رعیاً لذاك التّزهّد
و من الشّعراء البلغاء الّذین و صفوا الزّهراء سیّدة النّساء و مدحوها بأبلغ الثّناء هو الصّاحب بن عبّاد (ق) و قد ذکرها في أکثر قصائده ألّتي أنشدها في مدح أمیرالمؤمنین (ع) و أنا أقتطف الأبیات الّتي یصف فیها الصّدّیقة الطّاهرة (ع) لوحدها هنا :
قال رحمة ﷲ :
بلغت نفسي مناها
بالموالي آل طٰه
برسول ﷲ من حا
ز المعالي و حواها
و أخیه خیر نفس
شرّف ﷲ بناها
و ببنت المصطفیٰ من
أشبهت فضلاً أباها
و قال رحمة ﷲ :
باب المدینة لا تبغو به بدلاً
لتدخلوها و خلّو جانب التّیه
کفو البتول و لا کفو سواه لها
و الأمر یکشفه أمر یوازیه
و قال رحمه ﷲ :
أنا من شیعة الرّضا
سیّد النّاس حیدرة
الإمام المطهّر بن
الحصان المطهّرة
و أخي المصطفیٰ و من
حسد الفخر مفخره
زوج مولاتنا الّتي
لم یکن مثلها مرة
و قال رحمه ﷲ :
اذکرا من زوّج الزّ
هراء کی ما یتباهیٰ ؟
لیس تحصیٰ مأثرات
قد حماها و احتواها
هل سناً مثل سناها؟
هل علاً مثل علاها
و قال رحمه ﷲ :
یا کفوء بنت محمّد لولاك ما
زقّت إلیٰ بشر مدیٰ الأحقاب
و قال إیضاً :
فزوّجه بضعة النّبوّة إذ
رآه خیر امریء و اتقاه
و قال إیضاً :
و زوجته الزّهراء خیر کریمة
لخیر کریم فضلها لیس یجحد
تفرّعت الأنوار للأرض منهما
فللّه أنوار بدت تتجدّد
و قال إیضاً :
یا حیدر الشّهم البطل
من لم یشایعك یضل
أنت الّذي قد زوّج الزّ
هراء یا خیر الوصل
تفصیل علیاك عسیرّ
فارض منّي بالجمل
و قال الشّاعر الفحل علاء الدّین الحلّي في ضمن قصیدة مطوّلة :
حتّیٰ إذا قبض النّبيّ و لم یطل
یوماً مداك له سننت مداك
و عدلت عنه إلیٰ سواه ضلالة
و مددت جهلاً في خطاك خطاك
و زویت بنت أحمد عن إرثها
و لبعلها إذ ذاك طال أذاك
یا بضعة الهادي النّبيّ و حقّ من
أسماك حین تقّدست أسماك
لا فاز من نار الجحیم معاند
عن إرث والدك النّبيّ زواك
أتراه یغفر ذنب من أقصاك عن
سخط و أسخط إذ أباكَ أباكِ
یا تیم لا تمّت علیكِ سعادة
لکنّ دعاك إلیٰ الشّقاء شقاك
و قال في ضمن قصیدة اخریٰ :
و أجمعوا الأمر فیما بینهم و غوت
لهم أمانیّهم و الجهل و الأمل
أن یُحرقوا منزل الزّهراء فاطمة
فیا له حادث مستصعب جلل
بیت به خمسة جبریل سادسهم
من غیر ما سبب بالنّار یشتعل
و اُخرج المرتضیٰ عن عقر منزله
بین الأراذل محتفّ بهم و کل
یا للرّجال لدین قلّ ناصره
و دولة ملکت أملاکها السّفل
و قال الشّاعر إبن داغر الحلي ضمن قصیدته المفصّلة :
حتّیٰ إذا مات النّبيّ فأظهرت
أضغانها في ظلمها أجنادها
منعوا خلافة ربّها و ولّیها
ببصائر عمیت و ضلّ رشادها
واعصو صبوا في منع فاطم حقّها
فقضت و قد شاب الحیاة نکادها
و توفّیت غصصاً و بعد وفاتها
قتل الحسین و ذبّحت أولادها
و غداً یُسبّ علیٰ المنابر بعلها
في امّة ضلّت و طال فسادها
و قال الحافظ البرسي في ضمن قصیدة له یمدح فیها أهل البیت علیهم السّلام في الزّهراء (ع) هذه الأبیلت :
و الاُمّ فاطمة البتول و بضعُ
الهادي الرّسول لها المهیمن مانح
حوریّة إنسیّة لجلالها
و جمالها الوحی المنزّل شارح
إلیٰ قوله :
یا فاطم الزّهراء قومي و انظري
وجه الحسین له الصّعید مصافح
أکفانه نسبح الغبار و غسله
بدم الورید و لم تنحه نوائح
قال المولیٰ مسیحا في قصیدة یمدح فیها أمیرالمؤمنین (ع) بشأن فاطمة (ع) :
لولاه لم یجدوا کفواً لفاطمة
لولاه ما اتّقدت مشکاة إیمان
لولاه کان رسول ﷲ ذا عقم
لولاه لم یفهموا أسرار فرقان
و الحافظ البرسي وصفها سلام ﷲ علیها و إلیك هذا الوصف البلیغ و الثّناء البالغ للزّهراء (ع) في ضمن قصیدة طویلة في مدح أهل البیت (ع) إقتطفناها للقاریء الکریم :
آل النّبي بنوا الوصيّ و منبع
الشّرف العليّ و للعلوم مفاتح
خزّان علم ﷲ مهبط وحیه
و بحار علم و الأنام ضحاضح
التّائبون العابدون الحامدون
الذّاکرون و جنح لیل جانح
الصّائمون القائمون المطعمون
المؤثرون لههم ید و منائح
الجدّ خیر المرسلین محمّد
الهادي الأمین الفاتح
الامّ فاطمة البتول و بضعة
الهادي الرّسول له المهیمن مانح
حوریّة إنسیّة لجلالها
و جمالها الوحی المنزّل شارح
و الوالد الطّهر الوصيّ المرتضیٰ
علم الهدایة و المنار الواضح
و قال في ضمن قصیدة طویلة یرثیٰ الحسین الشّهید فیها :
یا ویلهم حین تأتي الطّهر فاطمة
في الحشر صارخة في موقف الامم
تأتي فیطرق أهل الجمع أجمعهم
منها حیاء و وجه الأرض في قتم
و تشتکي عن یمین العرش صارخة
و تستغیث إلیٰ الجبّار ذي النّقم
هناك یظهر حکم ﷲ في ملأ
عصوا و خانوا فیا سحقاً لفعلهم
و في یدیها قمیص للحسین غداً
مضمّخاً بدم قرناً إلیٰ قدم
و من الّذین نظموا الشّعر في مصائبها شیخنا الغرويّ الإصفهاني و قد ذکرنا في باب ولادتها قسماً من أشعاره و إلیك هذه الأبیات الاخریٰ قال رحمة ﷲ :
لهفي لها لقد اضیع قدرها
حتّیٰ تواریٰ بالحجاب بدرها
تجرّعت من غصص الزّمان
ما جاوز الحدّ من البیان
و ما أصابها من المصاب
مفتاح بابه حدیث الباب
إنّ حدیث الباب ذو شجون
مـمّا جنت به ید الخؤن
أیهجم العدیٰ علی بیت الهدیٰ
و مهبط الوحی و منتدیٰ النّدیٰ ؟
أیُضرم النّار بباب دارها
و آیة النّور علیٰ منارها ؟
و بابها باب نبيّ الرّحمة
و باب أبواب نجاة الامّة
بل بابها باب العليّ الأعلیٰ
فثمّ وجه ﷲ قد تجلیٰ
ما اکتسبوا بالنّار غیر العار
و من وراءه عذاب النّار
ما أجهل القوم فإنّ النّار لا
تطفیء نور ﷲ جلّ و علا
لکنّ کسر الضّلع لیس ینجبر
إلاّٰ بصمصام عزیز مقتدر
إذ رضّوا تلك الأضلع الزّکیّة
رزیّة لا مثلها رزیّة
و من نبوع الدّمّ من ثدییها
یُعرف إثم ما جریٰ علیها
و جاوزوا الحدّ بلطم الخدّ
شلّت ید الطّغیان و التّعدّي
فأجرت العین و عین المعرفة
تذرف بالدّمع علیٰ تلك الصّفة
و لا یزیل حمرة العین سویٰ
بیض السّیوف یوم یُنشر اللّوا
و للسّیاط رنّة صداها
في مسمع الدّهر فما أشجاها
و الأثر الباقي کمثل الدملج
في عضد الزّهراء أقویٰ الحجج
و من سواد متنها إسودّ الفضا
یا ساعد ﷲ الإمام المرتضیٰ
و وکز نعل السّیف في جنبیها
أتیٰ بکلّ ما أتیٰ علیها
و لست أدري خیر المسمار
سل صدرها خزانة الأسرار
و في جنین المجد ما یدمی الحشا
و هل لهم إخفاء أمر قد فشیٰ ؟
و الباب و الجدار و الدّماء
شهود صدق ما به خفاء
لقد جنی الجاني علیٰ جنینها
فاندکّت الجبال من حنینها
أهکذا یصنع بإبنة النّبيّ ؟
حرصاً علیٰ الملك فیا للعجب !
أتمنع المکروبة المطروحة
عن البکا خوفاً من الفضیحة ؟
تالله ینبغي لها تبکي دما
ما دامت الأرض و دارت السّما
لفقد عزّها أبیها السّامي
و لا هتضامها و ذلّ الحامي
أتُستباح نحلة الصّدّیقة
و إرثها من أشرف الخلیقة
کیف یردّ قولها بالزّور
إذ هو ردّ آیة التّطهیر
أیؤخذ الدّین من الأعرابي
و ینبذ المنصوص في الکتاب
فاستلبوا ما ملکت یداها
و الرتکبوا الخزیة منتهاها
یا ویلهم قد سألوها البیّنة
علیٰ خلاف السّنّة المبیّنة
و ردّهم شهادة الشّهود
أکبر شاهد علیٰ المقصود
و لم یکن سدّ الثّغور غرضا
بل سدّ بابها و باب المرتضیٰ
صدّوا عن الحقّ و سدّوا بابه
کأنّهم قد آمنوا عذابه
أبضعة الطّهر العظیم قدرها
تدفن لیلاً و یُعفّیٰ قبرها ؟
ما دفنت لیلاً بستر و خفا
إلاّٰ لوجدها علیٰ أهل الجفا
ما سمع السّامع في ما سمعا
مجهولة بالقدر و القبر معاً
یا ویلهم من غضب الجبّار
بظلمهم ریحانة المختار
ولقد أجاد الشّیخ محمّد الحسین کاشف الغطاء حیث قال .
أقسمت لو سرّ الحقیقة صورة
جاءت فإنّك للوریٰ مرآتها
أنت مشیئته الّتي خلقت بها
الأشیاء بل ذرئت بها ذرّاتها
و خزانة الأسرار بل خزّانها
و زجاجة الأنوار بل مشکاتها
یا غایة تقف العقول کلیلة
عنها و إن ذهبت بها غایاتها
یا جذوة القدس الّتي ما أشرقت
شهب السّما لو لم تکن لمعاتها
یا قبّة الشّرف الّتي لو في الثّریٰ
نصبت سمت هام السّما شرفاتها
یا کعبة ﷲ إن حجّت لها الأ
ملاك منه فعرشه میقاتها
یا نقطة الباء التّي باءت لها
الکلمات و ائتلفت بها الفاتها
یا وحدة الحقّ الّتي ما إن لها
ثان و لکن ما انتهت کثراتها
یا وجهة الأحدیّة العلیا الّتي
بالأحمدیّة تستنیر جهاتها
و عقیلة العشر العقول و من لها
السّبع الطّباق تحرّکت سکناتها
یا لوعة قعدت و قامت في الحشا
خرساء تنطق بالشّجیٰ نفثاتها
قعدت و لا تنفكّ أو أرزائها
بقیام قائمها تصاب تراثها
فانهض فدیٰ لك أنفس کمنت بها
طیر الشّجون کأنّها و کناتها
و احصد رؤوسهم فکم رأس لکم
حصدته أعداء لشبّ شباتها
و احرق لهم صنمی ظلال وطؤا
لهم الامور فأمکنت و ثباتها
و هما الّذان علیکم قد جرّءا
من لا یداني نعلکم جهاتها
جرّا إلیکم کلّ جور نالکم
من عصبة فعلیهما لعناتها
و في الختام أقول رحم ﷲ شعراء الزّهراء (ع) فلقد أجادوا في الدّفاع عن قدسیّة القدّیسة و ظلامة المظلومة فجزاهم ﷲ عنها خیر الجزاء ، و سبحان ربّك ربّ العزّة عمّا یصفون و سلام علیٰ المرسلین و الحمد لله ربّ العالمین .
نشر في الصفحات 323-311 من كتاب قدیسة الاسلام