(108)
سورة النّور
بِإسمِ ذاتِيَ الرُّبوبِيِّ المُشَرِّعِ المُكَلِّف لِلمُكَلَّفين و بإسمِ رحمانيَّتيَ المُكتَنِفَةِ عُمومِ خَلقي و رحيميَّتيَ المُختَصَّةِ بِعِبادِيَ المُؤمنين اُوحي :
هذهِ سورةٌ أنزلناها عليٰ رَسولِنا مُحمّدٍ و فَرَضنا تَشريعاً فَرضاً و واجِباً لا يُمكِنُ نَسخُهُ و أنزَلنا فيها آياتٍ واضِحاتٍ لَعلَّكُم تَتَذَكّرونَ أحكامَ الله ،
ألمَرأةُ الزّانِيَةُ البالِغَةُ العاقِلَةُ غير المُكلَّفَةُ غير المُحصَنةِ والزّاني البالِغُ العاقِلُ غَيرِ المُحصَن فاجلِدوا كُلّ واحِدٍ منهُما مِأةَ جَلدَةٍ حَدّاً لِلزّنا بَعدَ ثُبوتِهِ بالشَّهادَةِ و الإقرارِ الكامِل و لا تَأخُذكُم بِهِما رَأفَةٌ عاطِفيَّةٌ في دِينِ اللهِ فَتَترُكوا الحَدَّ ،
إن كنتُم تُؤمِنونَ بِاللهِ و دينهِ واليومِ الآخِر و حِسابِهِ وَلْيَشهَد عذابَهُما حينَ إجراءِ الحَدِّ طائِفَةٌ مِنَ المُؤمِنينَ المُسلِمين لِكَي يَعتَبِروا بِذلِكَ يَتَأدَّبوا ،
ألزّاني الكافِر لا يَجوزُ أن يَنكِحَ إلاّ زانيَِةً كافِرَةً أو مُشرِكَةً والزّانِيَةُ الكِتابِيَّةُ لا يَجوز أن يَنكِحَها إلاّ زانٍ كتابِيٍّ أو مُشرِكٍ و حَرَّم اللهُ ذلِكَ عليٰ المُؤمِنين فلا يَجوزُ لهُم نِكاحُ المُشركين ،
و حُكمُ الّذين يَرمُون المُحصَناتِ قَذفاً بالزِّنا ثُمَّ لَم يأتوا عليٰ ذلِكَ بِأربَعَةِ شُهَداءِ عُدولَ فاجلِدوهُم حَدَّ القَذفِ ثَمانينَ جَلدَةً و لا تَقبَلوا لهُم شَهادَةً أبَداً و أولئِكَ هُمُ الفاسِقونَ شَرعاً ،
إلاّ الّذين تابُوا مِن بَعدِما قَذَفوا تَوبَةً صَحيحَةً فاقبَلوا شَهادَتِهم بعدَها إن شَهِدوا عليٰ شَيءٍ و أصلَحوا أعمالَهُم فَإنَّ اللهَ غفورٌ لَهُم رَحيمٌ بِهِم ،
و حُكمُ الّذين يَرمونَ زَوجاتِهم و لَم يكُن لهُم شُهداءُ عُدولٍ أربَعة عليٰ ذلكَ و لا مُدَّعِيَ إلاّ أنفُسَهُم فَشَهادَةُ أحَدِهِم أن يَحلِفَ بِأربَعِ شَهاداتٍ بالله إنّهُ لَمِنَ الصّادِقينَ في دَعواهُ ،
ثُمَّ يُقسِمُ باللهِ وَ يَشهَدُ الخامِسَةَ لِعاناً وَ يَقولُ إنَّ لَعنَةَ اللهِ عَلَيهِ و غَضَب اللهِ عَليه إن كانَ مِنَ الكاذِبين في قَذفِهِ زَوجَتهُ بالزِّنا ،
و زَوجَتُهُ يُدفَعُ عَنها الحَدّ أن تَشْهَدَ أربَعَ شَهاداتٍ بِاللهِ و تَحلِف و تُقسِم باللهِ و كِتابِهِ عند قاضي الشَّرعِ أنَّ زَوجها لَمِنَ الكاذِبين في قَذفِها ،
ثُمَّ تَحلِفُ و تُقسِمُ بِأنَّ غَضَبَ اللهِ علَيها إن كانَ الزَّوجُ مِنَ الصّادقين في دَعواهُ بِأنّها مُرتَكِبَةٌ لِلزّنا فَتَلعَن نَفسَها فَيتَفَرَّقانِ مِن دونِ طَلاقٍ ،
و لو لا فَضلُ اللهِ عليكُم و رَحمَتُهُ لما شَرَّعَ لكُم حُكمَ اللِّعان حَيْثُ يَدْرَءُ الحَدَّ و يَفصِلُ بَيْنَ الزَّوجَيْنِ و يَصون المُجتَمَع مِن خَطَرِ القَذفِ و إنَّ اللهَ تَوّابٌ حكيمٌ في تَشريعِهِ ،
إنَّ الّذين جاؤا بالإفكِ و قَذَفوا مارِيَةَ القِبطيَّةَ هُم جَماعَةٌ مِنكُم يا أصحابَ مُحمّدٍ (ص) كعائِشةَ و حَفصَةَ و ذَويهما لا تَحسَبُوهُ أنتَجَ شَرّاً لكُم بَل هُوَ كانَ خَيرٌ لكُم حَيثُ ثَبتَتَ بَراءَةُ مارِيَةَ و نِفاق قاذِفيها لِكُلّ امرِءٍ منهُم ما اكتَسَبَ مِنَ الإثمِ بِحَقِّها والّذي تَوَلّيٰ كِبرَهُ مِنهُم و هو مَروانُ فَلَهُ عَذابٌ أليمٌ في النّارِ غَداً ،
هَلاّ إذ سَمِعتُموهُ يَقذِفُ مارِيَةَ القِبطيَّةَ لم تَنهُوهُ و تُنكِروا عَليه ؟ و قَد ظَنَّ المُؤمِنونَ والمُؤمِناتُ بِوِلايَةِ محمّدٍ و آل محمّدٍ (ص) بِأنفُسِهِم خَيْراً بِأنَّ مارِيَةَ بَريئَةٌ و قالوا هذا إفكٌ بَيِّنٌ ،
فَهَلاّ جاؤا عليٰ الإفكِ و قَذفِ ماِريَةَ بِأربَعَةِ شُهَداءَ فإذ لَم يَأتوا بالشُّهَداءِ فأولئِكَ الأفّاكونَ عِندَ اللهِ هُمُ الكاذِبونَ المَلعونون ،
و لو لا فَضلُ اللهِ عليكُم و رَحمَتُهُ يا رسولُ اللهِ في الدّنيا و الآخِرة فَعَصَمَكُمْ مِن تَصديقِ الأفّاكين لَمَسَّكُم فيما أفَضتُم فيهِ مِن حَديثِ خِيانَةِ مارِيَةَ عَذابٌ عظيمٌ لِبَراءَتِها ،
إذ تَلَقّونَهُ أيّها المُنافِقونَ الإفكَ بِألسِنَتِكُم و تَقولونَ بِأفواهِكُم ما لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلمٌ حَيْثُ إنَّ إبنَ عَمِّ مارِيَةَ مَجبُوبٌ ليسَ لهُ آلَةَ الرّجولَةِ و تَحسَبونَ القَذَفَ هَيِّناً سَهلاً و هُوَ عِندَ اللهِ إثمٌ عَظيمٌ لا يُغفَر ،
و هَلاّ حِينَما سَمِعتُمُ القَذفَ والإفكَ يا أصحابَ مُحمّدٍ (ص) قُلتُم ما يكونُ لَنا أن نَتَكَلَّمَ بِهذا القَذفِ لِعِرضِ رَسولِ اللهِ سُبحانَكَ هذا بُهتانٌ عَظيمٌ بَهَتوا مارِيَةَ بِهِ ،
يُوعِظُكُمُ اللهُ و يُحَذِّرُكُم و يَنهاكُم عَن أن تَعودوا لِمِثلِ هذا الإفكِ أبَداً إنْ كنتُم مُؤمِنين باللهِ و بالإسلامِ و يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الآياتِ التَّشريعيَّةَ وَاللهُ عليمٌ بشُؤنِكُم حكيمٌ بِمَصالِحِكُم ،
إنّ الّذينَ يُحبّونَ بِقَذفِ الأبرياءِ أن تَشيعَ الفاحِشَةُ بَيْنَ المُسلِمينَ الّذين آمَنوا بِحُرمَةِ الفَحشاءِ لَهُم عذابٌ أليمٌ في الدُّنيا و هُوَ حَدُّ القَذفِ وَ في الآخِرَةِ هُوَ النّار وَاللهُ يَعلَمُ المَصالِحَ وَ أنتُم لا تَعلَمون ،
يا أيّها المُسلِمونَ الّذين آمَنوا بالإسلامِ لا تَقتَفوا آثارِ الشّيطانِ المُجرِمِ العاصي بارتِكابِ الجَريمَةِ والعِصيانِ وَ مَن يَتَّبِع خُطيٰ الشّيطان في طَريقِ الشَّرِ فَإنَّ الشيطانُ يأمُرُهُ بالفَحشاءِ و المُنكَرِ فَيُرديهِ ،
وَ لَو لا فَضلُ اللهِ عليكُم وَ رَحمَتُه أيّها المُسلمين ما تَزكّيٰ مِنَ الإثمِ مِنكُم أحداً أبَداً لِعَدَمِ عِصمَتِكُم وَ لكِنَّ اللهَ يُزَكّي بالتَّقويٰ وَ وِلايَةِ آل مُحمّدٍ مَن يشآءُ تَزكيَتَهُ واللهُ سَميعٌ لأِقوالِكُم عليمٌ بِأفعالِكُم ،
و نَنهاكُم لا يَحلِف أصحاب الثَّروَةِ مِنكُم و الغِنيٰ كَأبيبَكرٍ أن لا يُؤتوا اُولي القُربيٰ كمَسطَحٍ والمَساكينَ والمُهاجرينَ في سَبيلِ اللهِ مِن أموالِهِم نَفَقَةً ولْيَعفوا ولْيَصفَحوا عَنهُم تَشَيُّعهُم لِعَليٍّ (ع) ،
ألا تُحِبّون يا أصحابَ الثِّراءِ و الغِنيٰ أن يَغفِرَ اللهُ لَكُم بِسَبَبِ ما تُنفِقونَ عليٰ شيعَةِ آل مُحمّدٍ و مَواليهِم و اللهُ غفورٌ رَحيمٌ لِمَن أنفَقَ عليهِم ،
بالقَطعِ واليَقينِ إنَّ الّذينَ يَرموُنَ قَذفاً زَوجاتِ النَّبيِّ المُحصَناتِ كمارِيَةَ القِبطِيَّةَ الغافِلاتِ المُؤمِناتِ و هُم أصحابُ النّبيِّ المُنافِقين ، لُعِنوا في الدّنيا و الآخِرة مِن الله و عليٰ لِسانِ نَبِيّهِ و لهُم عَذابٌ عظيمٌ في النّار غَداً ،
وَ يَومَ الحِسابِ تَشهَدُ عليهِم في مَحكَمَةِ العَدلِ الإلـٰهي ألسِنتهُم و أيديهِم وَ أرجُلُهم بما ارتَكَبوا مِن ظُلمٍ و إثمٍ و بِما كانوا يعمَلون مِن قَذفٍ المُحصَنات ،
فَيومَذاك سيُجازيهِمُ اللهُ جَزاءَ أعمالِهِم بالحَقِّ و العَدلِ و يَعلَمونَ عِلمَ اليَقينِ أنَّ اللهَ هُوَ الحَكَمُ العَدلُ و هو الحَقُّ المُطلَقُ الظّاهِرِ عَدلُهُ ،
ألنِّساءُ الخَبيثاتُ المُشرِكاتُ لِلمُشرِكينَ الخُبَثاء والخَبيثونَ المُشرِكونَ هُم كُفوٌ لِلخَبيثاتِ و أمّا الطّيِّباتُ المُؤمِناتُ فَهُنَّ لِلطّيّبينَ المُؤمِنين و كذلِكَ الطّيِّبونَ المُؤمِنونَ هُم كُفوٌ لِلطّيّباتِ أولئِكَ المُؤمِنونَ مُبَرَّؤنَ مِمّا يَقولُ المُنافِقونَ و لهُم مَغفِرَةٌ مِنَ اللهِ و رزقٌ كَريمٌ في الجَنّه ،
يا أيُّها الّذين آمَنوا ظاهِراً بِألسِنَتِهِم لا تَدخُلوا بُيوتاً غَيرَ بُيوتِكُم كَبَيْتِ الزَّهراءِ و عليٍّ (ع) حتّيٰ تَستَأنِسوا مِنهُمُ الإذنَ و تُسَلِّموا عليٰ أهلِها لا أن تَحرِقوا علَيهِمُ البابَ ذلِكُم الحُكمُ هو خيرٌ لكُم لعلَّكُم تَتَذَكَّرونَ حُكمَ الله ،
فإن لَم تَجِدوا فيها أحَداً فلا تدخُلوها عَنوَةً حتّيٰ يُؤذَنَ لكُم بِدُخولِها و إن قِيلَ لَكُم إنَّ في الدّارِ فاطِمَة إرجِعوا فارجِعوا هُوَ أزكيٰ لكُم مِن إحراقِ بابِها و عَصرِها بَيْنَ الحائِطِ والباب و إسقاطِ جَنينِها المُحسِن واللهُ بِما تعمَلونَ مِنَ الإحراقِ عليمٌ ،
ليسَ عليكُم حَرَجٌ أيُّها المُسلِمونَ أن تَدخُلوا بُيوتاً غَيرَ مَسكونَةٍ مَتروكَة فيها مَتاعٌ لَكُم أحرَزتُموهُ فيها واللهُ يعلَم ما تُبدونَ من عَمَلٍ و ما تَكتُمونَ مِن قَصدٍ ،
قُل يا رَسولَ اللهِ لِلمُؤمِنينَ بِالإسلامِ أمْراً وُجوبِيّاً يَكسِروا مِن نَظَرِ أبصارِهِم نَحوَ المُؤمِنات و يَحفَظوا سِتراً فروجَهُم عنِ الأنظارِ ذلكَ الغَضُّ والسِّترُ هوَ أزكيٰ لأِخلاقِهِم و أطهَرُ إنَّ اللهَ خَبيرٌ بِما يَصنَعونَ اُمّتك ،
و قُل أمراً وُجوبيّاً لِلمُؤمِناتِ المُسلِماتِ يَكسِرونَ مِن نَظَرِ أبصارِهِنَّ إليٰ الرِّجالِ و يَحفَظنَ فُروجَهُنَّ مِن غَيرِ الأزواجِ و لا يُظهِرنَ زينَتَهُنَّ التّي تَزَيَّنَّ بِها إلاّ ما كانَ ظاهِراً ،
و تَأمُرُهُنَّ لِيَضرِبنَ بِخِمارِهِنَّ عليٰ صُدورِهِنَّ و لا يُظهِرنَ زينَتَهُنَّ كالجَسَديَّةِ إلاّ لأزواجِهِنّ أو آباءِهِنّ أو آباءِ بُعولَتِهِنَّ أو أبناءِهِنَّ عَديٰ ما يُريبُهُم ،
أو أبناءِ أزواجِهِنّ مِن غَيرِهِنَّ أو إخوانِهِنَّ أو بَني إخوانِهِنَّ أو بَني أخواتِهِنَّ أو نِساءِهِنَّ أو ما مَلَكَت أيْمانَهُنَّ مِنَ العَبيدِ والمَماليك ،
أوِ الغِلمانِ غَيرِ اُولي الشَّهوَةِ والبُلوغِ مِنَ الرّجالِ أو الطِّفلِ الغَيْرِ المُمَيِّزِ الّذي لَم يَطَّلِع عليٰ عَوراتِ النِّساءِ بِأنّها مَوضِعٌ جِماعٍ و لَذَّةٍ ،
و نَنهاهُنَّ أن لا يَضرِبنَ بِأرجُلِهِنَّ الأرضِ حينَ المَشيِ لِيُعرَفَ ما يُخفِينَ مِن زينَتِهِنَّ في أرجُلِهِنَّ و تُوبوا إليٰ اللهِ جَميعاً عَنِ الحَرامِ أيُّها المُسلِمونَ لعلَّكُم تُفلِحون ،
و زَوِّجوا العُزّابَ مِنكُم ذُكوراً أو إناثاً و زَوِّجوا الصّالِحينَ مِن عبَيدِكُم و إماءِكُم إن يَكونوا فُقَراءَ يُغنيهِمُ اللهُ مِن فَضلِهِ بَعدَ الزَّواجِ واللهُ واسِعٌ عليهِم عَليمٌ بِحالِهِم ،
وَلْيَتَعَفَّف بالعِفَّةِ و الحَياءِ والصَّبرِ عَنِ الزِّنا واللِّواطِ و الحَرامِ كُلّ الّذينَ لا يَجِدونَ نَفَقَةً و مَهراً لِلنِّكاحِ الدّائِمِ حَتّيٰ يُغنيهِمُ اللهُ مِن فَضلِهِ و لِيَكتَفوا بِالمُتعَه ،
و الّذينَ يطلُبونَ المُكاتِبَةَ مِنَ العَبيدِ و الإماءِ مِمّا مَلَكَت أيْمانكم فكاتِبوهُم إن عَلِمتُم فيهِم خَيْراً و صِدقاً و وَفاءً و أعطُوهُم مِن مالِ اللهِ الّذي آتاكُمُ اللهُ مِنهُ ،
و لا تُجبِروا فَتَياتِكُمُ المُسلِماتِ و أخواتِكُم المُؤمِنات و جَواريكُم عليٰ البِغاءِ والزِّنا إن أرَدنَ تَحَصُّناً بالمُتعَةِ لِتَطلُبوا عَرَضَ الحياةِ الدُّنيا و حُطامَها ،
و مَن يَمنَعهُنَّ عَنِ المِتعَةِ و يُكرِههُنَّ عليٰ الزِّنا كما حَرَّمَ عُمَرُ المِتعَةَ فإنَّ اللهَ مِن بَعدِ إكراهِهِنَّ جَبراً غَفورٌ لَهُنَّ رَحيمٌ بِهِنَّ ما دُمنَ مُكرَهاتٍ و لَقَد أنزَلنا إليكُم هذِهِ الآياتِ مُبيِّناتٍ لِلأحكامِ و مِثالاً لِحالِ الّذين مَضَوا مِن قَبلِكُم و مَوعِظةً لِلمُتَّقين ،
إنَّ اللهَ جَلَّ جلالهُ و عَظُمَ شأنُه هو نورُ السماواتِ و الأرضِ و مِن نُورهِ الذّاتيّ وُجِدَتِ السّماواتُ و الأرضُ و تَنَوَّرَتْ و مِثالُ نُورِهِ الذّاتيّ كَشُعلَةِ النّورِ الوَهّاجِ فيها سِراجٌ مُحيطٌ بِها ،
والسِّراجُ المُحيطُ بِشُعلَةِ النّورِ مَحلُّهُ في وَسَطِ زُجاجَةٍ كالقِنديلِ والشُّعلَةُ الوَهّاجَةُ كأنّها كوكَبٌ مُنيرٌ مُضيءٌ شَفّافٌ كالدُّرِِّ والنّورُ يُوقَدْ مِن شَجَرةِ مُحمّدٍ (ص) مُبارَكَةٍ زيتونَةٍ لَيْسَت شَرقِيَّةً فارِسيَّةً و لا غَربِيَّةً روميَّةً ،
يَكادُ زَيْتِ الزّيتونَةِ الّتي يُوقَدُ مِنها الشُّعلَةُ يَضييءُ بِأنوارِهِ و لو لَمْ تَمسَسهُ نارٌ أحرَقَ بِها باِبَ الدّارِ و أسقَطَ مُحسِناً لَكان نُورٌ عليٰ نُورٍ يَشُعُّ مِن مِصباحِ فاطِمَه (ع) يَهدي اللهُ لِنُورهِ مَن يشآءُ و يَضرِبُ اللهَ الأمثالَ لِلنّاسِ واللهُ بِكُلِّ شييءٍ يُمَثِّلُ بهِ عَليمٌ ،
فَآلُ مُحمّدٍ (ص) هُم في بُيوتِ أذِنَ اللهُ لَها أن تُرفَعَ إعظاماً و إجلالاً و إكباراً و يُذكَرَ فيها اسمُهُ يُسبِّحُ لَهُ فيها بالغَداةِ والصَّباحِ و الغُروبِ و الآصالِ لِلّهِ فيها
رِجالٌ صِفَتهم أنّهُم لا تُشغِلهُم تِجارَةٌ و لا بَيْعٌ عَن ذكرِ اللهِ والعِِبادَةِ والجِهادِ و إقامَةِ الصَّلاةِ الصَّحيحَةِ و إيتاءِ الزَّكاةِ لِمُستَحَقِّيها يَخافونَ يَوماً تَتَقَلَّبُ فيهِ القُلوبُ و الأبصارُ عِندَ الحِساب ،
بالتأكيدِ سَيَجزيهِمُ اللهُ جَزاءٌ أحسَنَ مِمّا عَملوهُ و يَزيدهُم عليٰ الثّوابِ العادِل جَزاءً مِن فَضلِهِ واللهُ يَرزُقُ مَن يشآءُ مِن آلِ مُحمّدٍ بِغَيرِ حِسابٍ تَفَضُّلاً ،
و أمّا الّذين كفَروا بِوِلايَةِ آل مُحمّدٍ (ص) فَأعمالُهُم يَومَذاك كَسَرابٍ بِقاعٍ مِنَ الأرضِ يَحسَبُهُ العطشانُ مآءً فيَطلُبُهُ حتّيٰ إذا جاءَهُ لَم يَجِدهُ شَيئاً فَهُوَ هبآء و وَجَد اللهَ عِندَ الحِسابِ فَوفّاهُ حِسابَ أعمالِهِ و اللهُ سَريعُ الحِسابِ لَهُ
و عَمَل عَدوّ آلِ مُحمّدٍ هو كَظُلُماتٍ في بَحرٍ عميقٍ يَكسوهُ مَوْجٌ مِن فَوْقِهِ مَوجٌ مِن فَوقِهِ سَحابٌ بَحريٌّ و بُخارٌ مُظلِمٌ ظُلُماتٌ بَعضُها فوقَ بَعضٍ لا يَهتَدي لِنُورِ ولايَتِهِم أَبَداً ،
فَهُوَ كَمَن إذا أخرَجَ يَدَهُ مِن خِلالِ الأمواجِ لِيُبصِر طَريقَهُ لَم يَكَد يَريٰ يَدَهُ فَكَيفَ بِأن يَريٰ طريقاً وَ مَن لَم يَجعَلِ اللهُ لهُ نُوراً مِن وِلايَتِهِم فمالَهُ نُورٌ سِواهُم .
نَسألُ تَقريراً ألَم تَنظُر بِنَظَرِ التَّدَبُّرِ والتَّفَكُّرِ أيّها الإنسانُ أنَّ اللهَ يُسبِّحُ لَهُ ما في السماواتِ والأرضِ تكويناً و الطَّيْرِ صافّاتٍ أجنِحَتها كُلٌّ قَد عَرِفَ صَلاتَهُ و تَسبيحَهُ الخاصُّ بِهِ و لكِنّ المُنافِقين لا يُؤمِنونَ واللهُ عليمٌ بِما يَفعَلونَ الخلائِق ،
و لِلّهِ المِلكيَّةُ التّامَّةُ المُطلَقَةُ الكامِلَةُ المُحْكَمَة بِدْأَ وَ نِهايَةً وَ إبتِداءً و إستِمراراً لِكُلِّ السَّماواتِ و الأرضِ فَوَلّيٰ عليها مُحمّداً و آلَ مُحمّدٍ (ص) و إليٰ اللهِ المَصيرُ في كُلِّ الاُمور ،
و مِن آياتِ مِلكيَّتِهِ ألَم تَرَ أيُّها النّاظِرُ أنَّ اللهَ يَسوقُ غَيْماً ثُمَّ يَجمَعُ شَتاتَهُ فيَجعَلهُ رُكاماً هاطِلاً فَتَريٰ المَطَرَ يَخرُجُ مِن بَيْنِ أجزاءِ الغَيْمِ باصطِكاكِ الموجبَةِ بالسّالِبَةِ ،
و يُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِن جِبالِ الغُيومِ فيها مِن بَرَدٍ بَعدَ تَجميدِ البُخار ، فيُصيبُ بهِ مَن يَشآءُ إصابَتَهُ و يَصرِفُهُ عَمَّن يَشآءُ يَكادُ ضِياءُ بَرقِهِ و رَعدِهِ يَخطَفُ الأبصارَ و يَذهَبُ بِنورِ العَيْن ،
واللهُ سُبحانَهُ يُقَلِّبُ الكُرَةَ الأرضِيَّةَ فيُديرُها حَوْلَ نَفسِها فَيُوجِدُ الَّليْلَ والنَّهارَ بذلِكَ التّقليب إنَّ في ذلِكَ التَّدبير لَعِبرَةً لأصحابِ النَّظَر التَّدَبُّرِ عليٰ حِكمةِ اللهِ وَ وِلايَتِهِ ،
واللهُ سَبحانَهُ خَلَقَ كُلّ حَيوانٍ يَدُبُّ عليٰ الأرضِ بِرِجْلِهِ مِن نُطفَةٍ ، فَمِنها حَيوانٌ يَمشي عليٰ بَطنِهِ كالحِيتانِ في البَحرِ و مِنها مَن يَمشي عليٰ رِجلَيْنِ كالإنسانِ و الطَّيْر و مِنها ما يَمشي عليٰ أربَعِ أرجُلٍ كالأنعام ،
يَخلُقُ اللهُ سُبحانَهُ ما يَشآءُ خَلقَهُ و يُريدُ إيجادَهُ كيفَما يشآءُ و يُريدُ بِصِفَتِهِ الخَلاّقِيَّةِ الذّاتِيَّةِ و بِمُجَرَّدِ إرادَتِهِ فيَقولُ كُن فيَكونُ إنَّ اللهَ عليٰ كُلِّ شَييءٍ يُريدُ خَلقَهُ قَديرٌ ،
بالتّأكيدِ لَقَد أنزَلنا آياتِ وحيٍ مُوَضِّحاتٍ لأِهميَّةِ الوِلايَةِ الإلـٰهيَّةِ وِلايَةِ مُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) واللهُ يَهدي مَن يَشآءُ هِدايَتَهُ إليٰ صِراطٍ مُستَقيمٍ ، صِراطِ العَدلِ و صِراطِ عليٍّ أميرِ المُؤمِنين (ع)
وَ المُنافقون يقولونَ آمَنّا باللهِ وبالرّسول و أطَعنا ما يأمرُنا بهِ الرّسول مِن وِلايَةِ عليٍّ ثُمَّ يَتَولّيٰ مُعرِضاً عَنها جَماعَةٌ منهُم مِن بَعد يومِ الغَديرِ و ما أولئِكَ بالمُؤمِنين كما يَدَّعون ،
و حينَما يَدعوهُم عليّ بن أبيطالِبٍ (ع) إليٰ حُكمِ اللهِ في القُرآنِ و إليٰ حُكمِ رَسولِهِ لِيَحُكُمَ بَينَهُم بِشَأنِ الوِلايَةِ و الإمامَةِ و الخِلافَةِ إذا فَريقٌ مِنهُم مُعرِضونَ عَن ذلِك ،
وَ إنَّ إعراضَهُم هُوَ دليلٌ بِأنَّ اللهَ و رَسولَهُ حَكَما بالوِلايَةِ لِعَليٍّ (ع) إذ لَوْ يَكُنِ الحَقُّ بالخِلافَةِ في القُرآنِ أو السُّنَّةِ لَأتَوْا إليٰ ما يَدعوهُم مُذعِنِينَ لِلّهِ و رَسولِهِ ،
نَسألُ مُوَبِّخينَ مُستَنكِرينَ هَل في قُلوبهِم مَرَضٌ مِنَ النِّفاقِ أم تَشكَّكوا في القُرآنِ أم يَخافونَ أن يَجورُ اللهُ عليهِم و رَسولُهُ بِنَصِّهِما عليٰ عليٍّ (ع) بَل أولئِكَ هُمُ الظّالِمونَ و لَيْس اللهِ بِظالِمٍ ،
إنّما التّكليفُ الواجِبُ أن يَقولَ المُؤمِنونَ حينَما دُعوُا إليٰ اللهِ و رَسولِهِ لِيَحْكُمُ بينَهُم بِشَأنِ الوِلايَةِ أن يَقولوا سَمِعنا و أطَعنا كلامَ اللهِ و أولئِكَ هُمُ المُفلِحونَ بِقَوْلِهم ،
و مَن يُطِعْ أمرَ اللهِ و رَسولِهِ بِتَوَلّي عَليِّ بن أبيطالِبٍ (ع) و يَخافُ عَذابَهُ و يَتَّقيهِ و لا يَعصيهِ و لا يُعرِض عَن وِلايَةِ عليٍّ (ع) فأولئِكَ هُمُ الفائِزونَ فَعَليٌ و شيعَتُهُ هُمُ الفائِزون ،
و أقسَموا باللهِ لكَ يا رَسولَ اللهِ غايَةَ أيْمانِهِم المُغَلَّظَةِ لَئِن أمَرتَهُم بالإلْتِحاقِ بِجَيشِ اُسامَةَ لَيَخرُجُنَّ مَعَهُ قُل لا تُقسِموا طاعَةٌ مَعروفَةٌ مُسبَقاً مُخالَفَتها إنَّ اللهَ خَبيرٌ بِما سَتَعمَلونَ في السَّقيفَه ،
قَُل لهُم يا حبيبي أطيعوا اللهَ و أطيعوا الرَّسولَ و التَحِقوا بِجَيشِ اُسامَةَ فَلَعَنَ اللهُ المُتَخَلِّفُ عَن جَيشِ اُسامَة فإن تَوَلَّوْا مُعرِضينَ فَلَيْس عليكَ إلاّ ما حمّلناكَ مِن مَسئولِيَّةِ الإبلاغِ و عَليهِم ما حُمِّلوا مِن الطّاعَه ،
وَ إن تُطيعوا رَسولَ اللهِ و تَلتَحِقوا بِجَيْشِ اُسامَةَ و تَدَعُوا الخِلافَةَ لِعَليٍّ (ع) تَهتَدوا لِلحَقِّ و ما عليٰ الرّسولِ إلاّ البَلاغُ الواضِحُ يُبَلِّغُكُم بهِ لا أكثَر ،
وَعَدَ اللهُ سُبحانَهُ و لا يُخلِفُ وَعدَهُ أبَداً ألّذين آمَنوا مِنكُم بِوِلايَةِ محمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) وَعَمِلوا الصّالِحاتِ لَيَستَخلِفَنَّهُم في الأرضِ بَعدَ حُكّامِ الجَوْرِ كما استَخلَفَ الّذينَ مِن قَبلِهِم بَني إسرائيل ،
و لَيُمَكِّنَنَّ لهُم دينَهُم عِندَ قِيامِ القائِمِ المَهديِّ (ع) و لَيُبدِلَنَّهُم مِن بَعدِ خَوْفِهِم مِنَ الطّواغِيتَ أمْناً تَحتَ حُكومَةِ عَدلِ المَهديّ (ع) يَعبُدونَ اللهَ و لا يُشرِكونَ بِطاعَتِهِ و عِبادَتِهِ شَيئاً ،
وَ مَن كَفَرَ بِوِلايَةِ محمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) بَعدَ ذلِكَ الوَعد القطعيّ الإلـٰهيّ فأولئِكَ هُمُ الفاسِقونَ عِندَ اللهِ و عِندَ المُسلِمين ،
وَ نأمُرُكُم أمراً وُجوبِيّاً عَينيّاً أقِيموا الصَّلاةَ صَحيحَةً مِن غَيرِ بِدعَةٍ و آتوُا الزّكاةَ لِمُستَحِقّيها و أطيعوُا الرَّسولَ في كُلِّ سُنَنِهِ وَ أحكامِهِ وَ وَالُوا أهلَ بَيْتِهِ لَعلَّكُم تُرحَمونَ بِذلِكَ ،
لا تَحسَبَنَّ أيُّها الإنسانُ أنَّ الّذين كفَروا بِوِلايَةِ محمّدٍ و آل مُحمّدٍ يُعجِزونَ اللهَ في الأرضِ بِعِدَّتِهِم و عَدَدِهِم بَل سَيَقضي عليهِم و يُهلِكُهُم و مَصيرُهُمُ النّارُ و لَبِئسَ المَصير لهُم ،
يا أيّها الذين آمَنوا بالإسلامِ نَأمُرُكُم لِيَستأذِنكُم بالدُّخولِ عليكُم ألّذين مَلَكَت أيْمانُكُم مِنَ العَبيدِ و الإماءِ و الأطفالِ الّذين لَم يَبلُغوا الإحتِرامَ مِنكُم في اليَومِ ثَلاث مَرّاتٍ ،
ألمَرَّةُ الأوليٰ مِن قَبلِ صَلاةِ الفَجرِ و الثّانِيَة حينَ تَضَعونَ ثِيابَكُم مِن ظَهيرَةِ النّهارِ لِلإستِراحَةِ والثّالِثَةِ مِن بَعدِ صَلاةِ العِشاءِ الآخِرَةِ حينَما تَقصُدونَ النَّوْمَ في الفِراشِ ثَلاث أوقاتٍ عَوْراتٍ لَكُم ،
ليسَ عليكُم حَرَجٌ بَعد هذهِ الأوقاتِ الثَّلاث أن يَطوفَ بعضُكُم عليٰ بَعضٍ مِن دونِ إستيذانٍ هكذا يُبَيُِنُ اللهُ لكُم آياتَ الأحكامِ وَ اللهُ عليمٌ بِشُؤنِكُم خَبيرٌ حكيمٌ بِمَصالِحِكُم ،
و حينَما يَبلُغُ الأطفالُ مِنكُم سِنَّ الإحتِلامِ فَليستَأذِنوا كما استَأذَنَ الّذين من قَبلِهِم مِنَ البالِغين فلا يَدخُلوا بِدُونِ إذنٍ كذلكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُم آياتَ أحكامِهِ واللهُ عليمٌ بِأحوالِكُم حكيمٌ بِمَصالِحِكُم ،
والنِّساءُ العَجائِزُ القَواعِدُ عَنِ النِّكاحِ اللاّتي لا يَرجينَ و لا يَأمَلنَ نِكاحاً فَلَيسَ عليهِنَّ حَرَجٌ أن يَضَعنَ ثِيابَهُنَّ الفَوقانيَّةَ غيرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزينَةٍ الحُلي و الحُلَلْ ،
و لو أنّهُنَّ يَستَعفِنَ عَن وَضعِ ثِيابِهِنَّ الظّاهِريَّة إيضاً فَهُوَ خيرٌ لَهُنَّ و أفضَل لحُِرمَتِهِنَّ و كَرامَتِهِنَّ واللهُ سميعٌ لأِقوالِهِنَّ عليمٌ بأفعالِهِنّ ،
لَيسَ عليٰ الأعميٰ عَيْنَيْهِ حَرَجٌ و لا عليٰ الأعرَجِ رِجلَيْهِ حَرَجٌ و لا عليٰ المَريضِ العاجِزِ عَنِ الإكتِسابِ حَرَجٌ و لا عليٰ أنفُسِكُم حَرَجٌ أن تَأكُلوا نَفَقَةً مِن بُيوتِكُم ،
أو بُيوتِ آباءِكُم أو بُيوتِ اُمَّهاتِكُم أو بُيوتِ إخوانَكُم أو بُيوتِ أخَواتِكُم سواءً الأبَوَيْنيّ أوِ الأبيِّ أوِ الاُميِّ أوِ الرِّضاعِيِّ مِنهُم أو بُيوتِ أعمامِكُم أو بُيوتِ عَمّاتِكُم ،
أو بُيوتِ أخوالِكُم أو بُيوتِ خالاتِكُم أو ما مَلَكتُم مَفاتِحَهُ مِنَ البُيوتِ بالتَّولِيَةِ أوِ الوِكالَةِ أوِ المُكاتِبَةِ أو التّاخي و التَّحالُف و التَّزاوُج والشّراكَةِ أو مِن بُيوتِ صَديقِكُم لَيسَ عليكُم جُناحٌ أن تَأكُلوا مِنها كُلاّ وَ جُزاءً تُجيزونَ جَميعاً ،
فَإذا دَخَلتُم بُيوتاً لأِحَدِهِم فَنأمُرُكُم إرشاداً أن تُسَلِّموا عليٰ أنفُسِكُم تَحيّةً مِن عِندِ اللهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً فقولوا سلامٌ عليكُم فَيَردّونَ عليكُم سَلامكُم كذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لكُم آياتَ أحكامِهِ لعلَّكُم تعقِلونَ آياته ،
إنّما المُؤمِنونَ الّذين آمَنوا حَقيقَةً و صِدقاً باللهِ و رَسولِهِ و أهل بَيْتِهِ هُمُ الّذينَ إذا كانُوا عليٰ أمرٍ جامِعٍ بَيْنَهُم مَتَّفَقٌ عَليهِ لَم يَذهَبوا مِن الإجتِماعِ بِلا إذنٍ مِن رَسولِ اللهِ و لا يَذهَبونَ حَتّيٰ يَستَأذِنوهُ في الذِّهابِ
إنَّ الذّين يَستَأذِنونَكَ بالذِّهابِ أولئِكَ هُمُ الّذين يُؤمِنون باللهِ و رَسولِهِ حَقّاً فَإذا استَأذَنونَكَ يا حبيبي لِبَعضِ شُؤنِهِم فَأذَن لِمَن شِئتَ مِنهُم بالذِّهاب ،
وَ استَغفِرِ الله يا رسولَ الله لِلّذينَ يَستأذِنونَكَ لِبَعضِ شُؤنِهِم وَ اطلُبِ المَغفِرَةَ منَ اللهِ إنَّ اللهَ غَفورٌ لهُم رحيمٌ بِهِم يَشفَعُ لَكَ فيهم ،
أيُّها الصِّحابَة لا تَجعَلوا نِداءَ الرّسولِ لَكُم و دَعوَتَهُ بَيْنَكُم كَدَعْوَةِ بَعضِكُم لِبَعضٍ مِن غَيرِ إلزامٍ بَل إنَّ تَلبِيَة دَعوَتِهِ واجِبَةٌ و يَجِبُ الإستيذانُ مِنهُ لِلإنصِراف قَد يَعلَمِ اللهُ الّذين يَفِرّونَ خُفيَةً مِن دَعوَتِهِ ،
فَليَحذَرِ الّذين يُخالِفونَ عَن أمرِ رَسولِ اللهِ بإحضارِ الدَّواةِ و الكَتِفِ لِيُوصي بالخِلافَةِ لِعَليٍّ (ع) و يَقولونَ إنّهُ لَيَهجُر أن تُصيبَهُم فِتنَة الإختلافِ أو يُصيبَهُم عَذابٌ أليمٌ يومَ القيامَه ؟
ألا فاعلَموا أنّ لِلّهِ ما في السّماواتِ و الأرضِ مِلكيَّة تامَّةً مُطلَقَةً حقيقيَّةً و بالتأكيدِ هُوَ يعلَمُ ما أنتُم عليهِ مِنَ النِّفاقِ و الحِقدِ لِعَليٍّ و الزَّهراءِ (ع)
وَ يَومَ يُرجَعونَ الصّحابَةُ إليٰ اللهِ لِلحِسابِ وَ الجَزاءِ في الحَشرِ فيُخبِرُهُم بِما عَمِلوا في السَّقيفَةِ و بَعدَها وَاللهُ بِكُلّ شَيءٍ فَعَلوهُ عليمٌ جِدّاً .
نشر في الصفحات 1755-1734 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد ألثّانی