سورة يس
2017-04-13
سورة تَبَّت
2017-04-13

(72)
سورة المُدَّثِّر

( بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم )

بِإسمِ ذاتِيَ الرُّبوبيّ الباعِثِ لِلرُّسُل و ب‍ِإسمِ رحمانِيَّتيَ الشامِلَةِ لِلخَلقِ و رحيميَّتيَ الخاصَّةِ بالمُؤمنين اُوحي إليك :

( يا أيُّها المُدَّثِّر قُم فَأنذِر )

يا مُحمّد بن عبد اللهِ الصّادِقِ الأمينِ المُتَدَثِّرِ بالدِّثارِ في بَيْتِ خديجَةَ اُمِّ الزَّهرآء (ع) :قُم مِن دِثارِكَ واذهَب فَأنذِر قُريشاً بالعَذابِ إن لَم يُؤمِنوا بِوِلايَتِكُم أهل البَيْت (ع) ،

( وَ ربَّكَ فَكَبِّر و ثُيابَكَ فَطَهِّر و الرُّجزَ فاهجُر )

و كَبِِّرِ اللهَ علانِيَةً واهتُف فيهِم أللهُ أكبَر و نَأمُرُكَ فَلِلعِبادَةِ والصَّلاةِ و الطَّوافِ ثيابَكَ طَهِّرها واغسِلها مِنَ النِّجاساتِ والشِّركِ فاهجُرهُ وابتَعِد عَنِ المُشركين ،

( و لا تَمنُن تَستَكثِر و لِرَبِّكَ فاصبِر )

و نَنهاكَ نَهياً مَولويّاً لا تَمنُن عليٰ المُشرِكينَ بالمِنَنِ العَظيمَة و الأيادي الجَميلَةِ لِتُكثِر رَبعَكَ مِنهُم و لِرَبِّكَ فاصبِر عليٰ آذاهُم ،

( فَإذا نُقِرَ في النّاقورِ فذلكَ يومَئذٍ يومٌ عسيرٌ عليٰ الكافِرينَ غيرُ يَسيرٍ )

فَيوم القيامَةِ اليومُ إذا نُقِرَ و نُفِخَ في البُوقِ والنّافِخُ إسرافيلٌ بإذنِ اللهِ لِلبَعثِ فذلكَ اليَومُ هو يومٌ صَعبٌ ذو عُسرَةٍ عليٰ الكافِرينَ غَيرُ يسيرٍ لا يُتَحمَّل ،

( ذَرني و مَن خَلَقتُ وَحيداً و جَعَلتُ لهُ مالاً مَمدوداً و بَنينَ شُهواً و مَهَّدتُ لهُ تَمهيداً )

دَعني يا حبيبي أنا و مَن خَلقْتُهُ وَحيداً و وَليداً عَنيداً بن مُغيرَةَ المَخزومي و جَعَلتُ لهُ إتماماً لِلحُجَّةِ مالاً مَمدوداً لِلتِّجارَة و أولاداً يَشهَدهُم حُضوراً بَيْنَ يَدَيْهِ و مَهَّدتُ لهُ العَيْشَ تَمهيداً ،

( ‌ثُمَّ يَطمَعُ أن أزيدَ كَلاّ إنّهُ كان لِآياتِنا عَنيداً )

و مَعَ كُلّ تِلكَ النِّعمَة ثُمَّ هُوَ يَطمَعُ أن أزيدَ عليهِ المالَ و البَنينَ و هُوَ يَزيدُ في كُفرِهِ و عِنادِهِ و عداءِهِ لِمُحمّدٍ و آلِهِ (ص) كَلاّ هَيْهاتَ إنّهُ كانَ و لا زالَ لآِياتِنا النّازِلَةِ مُعانِداً جِدّاً ،

( ‌ساُرهِقُهُ صَعوداً )

سَاُذِلُّهُ تَعَباً و رَهَقاً و مَشَقَّةً و حِرصاً و طَمَعاً طَلَباً مِنهُ صُعوداً في الغِنيٰ و الثَّروَةِ و مَزيداً ،

( إنّهُ فَكَّرَ و قَدَّرَ فَقُتِلَ كَيفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيفَ قَدَّر ؟)

إنَّ وَليداً فَكَّر في وِلايَةِ مُحمدٍ و آل محمدٍ (ص) و قَدَّرَ في نَفسِهِ أنَّ مُحمّداً (ص) سَيَغلِب الشِّركَ و الأوْثانَ و الحِزبَ الاُمَويَّ و لابُدَّ مِن مُحارِبَتِهِ فَقاتَلَهُ‌ اللهُ كيفَ قَدَّرَ في نَفسِهِ ذلكَ ثُمَّ قاتَلَهُ اللهُ كَيفَ قَدَّرَ جَهلاً و عِناداً ،

(‌ ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ و بَسَرَ ثُمَّ أدبَرَ واستَكبَر )

ثُمَّ نَظَر الوليدُ إليٰ أموالِهِ و بَنينِهِ و عَشيرَتِهِ و حِزبِهِ ثُمَّ عَبَسَ و بَسَرَ بِوَجهِهِ مُغضِباً عليٰ محمّدٍ (ص) ثُمَّ أدبَرَ عَنِ الحَقِّ و الهُديٰ والستَكبَرَ عن الإيمانِ باللهِ و بِمُحمّدٍ و آل محمدٍ (ص) ،

( فقالَ إن هذا إلاّ سِحرٌ يُؤثَر إن إلاّ قولُ البَشَر )

فقال لِقَوْمِهِ إن هذا القرآنُ إلاّ سِحرٌ يُؤثِرُهُ مُحمّدٌ مِنَ السَّحَرةِ إنْ هذا الكلامُ‌ إلاّ قَول بُلَغاءِ البَشَرِ و فُصَحائِهِم يُعَلِّمونَهُ ،

( سَاُصليهِ سَقَر و ما أدراكَ ما سَقَر لا تُبقي و لا تَذَر )

فَحَتماً أوصِلُهُ و اُدخِلُهُ جَهنَّمَ السَّقَر و ما أدراكَ ما عَظَمَةُ سَقَر يا وليد إنّها نارٌ لا تُبقي عليكَ و لا تَذَر شيئاً مِن جِسمِكَ سالِماً ،

( لَوّاحَةٌ لِلبَشَر عليها تِسعَةَ‌ عَشَر )

لَوّاحَة لَهَبُها فَتلوحُ لِلبَشَرِ أمثالِ الوَليدِ و رَبعِهِ المُشرِكينَ المُنافِقين و عليها مَلائِكةُ‌ الغَضَبِ خَزَنَة النّيرانِ تِسعَةَ‌ عَشَر مَلَكاً تَزجُرُهُم ،

( و ما جَعَلنا أصحابَ النّارِ إلاّ ملائِكَةً و ما جَعَلنا عَدَّتهُم إلاّ فِتنَةً لِلّذين كفَروا )

و ما جَعَلنا خَزَنَةَ النّيرانِ إلاّ مَلائِكَةَ الغَضَبِ و ما جَعَلنا عِدّةَ المَلائِكَة تِسعَةَ عَشَرٍ إلاّ بِعَددِ خُلَفاءِ الجَوْرِ إمتحاناً لِلّذين كفَروا ،

( لِيَستَيْقِنَ الّذينَ اُوتوُا الكِتابَ و يَزدادَ الّذين آمَنوا إيماناً و لا يَرتابَ الّذين اُوتوُا الكِتابَ و المُؤمِنون )

لِيَستَيْقِنَ الّذينَ اُوتوا القُرآنَ بِأنّ اللهَ جَعَلَ حُروفِ البَسمِلَةِ تِسعَةَ عَشَرَ لِيَدفَعَ بِها مَلائِكة الغَصَب و يَزداد الّذين آمَنوا بِوِلايَةِ محمدٍ و آلِهِ (ع) إيماناً بِشَفاعَتِهم و لا يَشُكّونَ فيها ،

( و لِيَقولُ الّذين في قُلوبِهِم مَرَضٌ و الكافِرونَ ماذا أرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً )

و سَيقولُ الّذين في قلوبِهِم مَرَضٌ النِّفاقِ و العِداءِ لآِل محمّدٍ (ص) و الكافِرونَ بِوِلايَتِهِم ماذا أرادَ اللهُ بهذا العَدَدِ مَثَلاً لَنا و هُوَ عَدَدُ خُلَفاءِنا ؟؟؟ ،

( كذلكَ يُضِلُّ اللهُ‌ مَن يَشآءُ و يَهدي مَن يَشآء )

و هكذا يَدَعُ اللهُ‌ مَن يشآءُ خِذلانَهُ في ضَلالَتِهِ و يَهدي مَن يشآءُ هِدايَتَهُ‌ إليٰ وِلايَةِ محمّدٍ و آلِهِ (ع) ،

( و ما يَعلَمُ جُنودَ رَبِّكَ إلاّ هُوَ و ماهيَِ إلاّ‌ ذِكريٰ لِلبَشَر )

و ما يَعلَمُ عَدَدَ جُنودِ رَبِّكَ مِنَ المَلائِكَةِ إلاّ هُوَ و هو أخبَرَ بِهِ مُحمّداً (ص) و هُوَ أخبَرَ بهِ عَليّاً‌ (ع) و ما هِيَ المَلائِكَةُ إلاّ ذِكريٰ لِلبَشَر بِأنّها مُطيعَةٌ مُنقادَةٌ لِمُحمّدٍ و آل مُحمّدٍ (ص) ،

( كَلاّ والقَمَر و اللَّيْلَ إذ أدبَرَ و الصُّبحِ إذا أسفَرَ إنّها لَإحديٰ الكُبَر )

كلاّ ليسَ كما يَقولُ الوليدُ و حِزبُهُ فَقَسماً بالقَمَرِ و قَسَماً باللَّيْلِ ، حينَ أدبَرَ و مَضيٰ فَأقبَلَ الصُّبحُ و أسفَرَ لِلعَيْنَيْن إنَّ وِلايَةَ محمّدٍ و آلِ محمدٍ (ص) هِيَ لَإحدي المُهمّاتِ الكُبريٰ العَظيمَه سيّما فاطِمَة الزّهرآء ،

( نَذيراً لِلبَشَر لِمَن يشآءَ منكُم أن يَتَقَدَّمَ أو يَتَأخَّر )

فَأرسَلنا مُحمّداً (ص) نَذيراً لِلبَشَرِ المُعانِدينَ لِولايَةِ آل محمّدٍ يُنذِرُهُم بالعَذابِ فَمَن شآءَ منكُم بَعدَ هذا أن يَتَقَدَّمَ إليٰ وِلايَتِهِم و يَتَمسَّك بِها أو يَتَأخَّر عَنها فَيَهلَك ،

( كُلّ نَفسٍ بِما كَسَبت رَهينَةٌ )

كُلّ نَفسٍ مُكَلَّفَةٍ‌ هيَ سَتكونَ بِما كَسَبت في الدُّنيا مِن عَمَلٍ رهينَةٌ بها يَومَ القِيامَةِ مَرهونَة في الجَحيم بما كَسَبت ،

( إلاّ أصحابَ اليَمينِ في جَنّاتٍ يَتَسآءَلونَ عَنِ المُجرِمينَ ما سَلَكَكُم في سَقَر ؟ )

إلاّ أنّ أصحابَ اليَمينِ المُوالِينَ لِعَليٍّ أميرِ المُؤمنينَ (ع) هُم يَومَئِذٍ في جَنّاتٍ يَتَساءَلونَ مَعَ المُجرِمينَ يَسألونَهُم ما الّذي أدخَلَكُم في سَقَر ؟

( قالوا لَمْ نَكُ مِنَ المُصَلّينَ و لَم نَكُ نُطعِمُ المِسكين )

فيُجيبونَهُم قائِلينَ نَحنُ في الدّنيا لَم نَكُ مِنَ المُصَلّينَ بِصلاةِ محمدٍ و آلِهِ الطّاهِرين و لَم نَكُ نُطعِمُ المِسكينَ الهاشِميَّ الخُمسَ و غَيرَهُ الزَّكاةَ ،

( و كُنّا نَخوضُ مَعَ الخائِضين )

و يقولونَ نَحنُ كُنّا في الدُّنيا نَخوضُ في الباطِلِ مَعَ أهل الباطِلِ و النِّفاقِ الخائِضينَ في الضَّلالَةِ و الهَويٰ ،

( و كنّا نُكَذِّبُ بِيَومِ الدّينِ حتّيٰ أتانا اليَقين )

و يَقولونَ نَحنُ كُنّا في الدّنيا نُكَذِّبُ بِيَومِ الحِسابِ والجَزآءِ و العِقابِ حتّيٰ أتانا المَوْتُ المُحتَّمُ و أيقَنّا بالحِساب ،

( فَما تَنفَعُهُم شَفاعَةُ الشّافِعين )

يَومَئذٍ فما تَنفَعُهُم و لا تَشمُلُهُم شَفاعَةُ الشّافِعينَ عِندَ اللهِ مُحمّدٌ‌ و آلِهِ (ع) الطَيِّبينَ الطّاهِرين ،

( فمالَهُم عَنِ التَّذكِرَةِ مُعرِضينَ كَأنَّهُم حُمُرٌ مُستَنفِرَة فَرَّت مِن قَسوَره ؟)

فما بالُهُم هؤلاءِ المُنافِقينَ هُم عَنِ‌ التَّذَكُّرِ و الإتِّعاظِ مُعرِضينَ و عَن وِلايَةِ آل محمدٍ (ص) فارّينَ كأنَّهُم حَميرٌ نَفَرَت و فَرَّت و هَرَبَت مِن أسَدِ الله عليّ بن أبيطالب (ع) ،

( بَل يُريدُ كُلّ امرِءٍ مِنهُم أن يُؤتيٰ صُحُفاً مُنَشَّرَه )

بَل إنَّ فِرارَهُم مِن وِلايَةِ أسَدِ اللهِ الغالِب عليّ بن أبيطالِب (ع) هو لأِجلِ أنّهُ يُريدُ كُلّ امرِءٍ منهُم أن يُؤتيٰ مِنَ السَّماءِ بإسمِهِ صَحائِفَ مَنشورَةً كالقُرآن ؟؟‌،

( كَلاّ بَل لا يَخافونَ الآخِرة )

كَلاّ سَوفَ لا تأتيهِم صُحُفٌ مُنَشَّرَةٌ فهَيْهاتَ لِعَدَمِ عِصمَتِهم و إيمانِهم بَل هُم لا يَخافونَ حِسابَ الآخِرَة فلا تُفيدُهُم نُزولَ الصُّحُفِ عَليهِم ،

( كَلاّ إنّهُ تَذكِرَةٌ فَمَن شآءَ ذَكَرَه )

كَلاّ ليسَ القُرآنُ إلاّ تَذكِرَةٌ لَهُم يُذَكِّرُهُم بِضَرورَةِ وِلايَةِ محمدٍ و آل محمدٍ (ص) فَمَن شآءَ اتَّعَظَ بهِ فوالأهَمّ ،

( وَ ما يَذكُرونَ إلاّ أن يشآءَ اللهُ هُوَ أهلُ التَّقويٰ وَ أهلُ المَغفِرَه )

وَ‌ما يَذكُرونَ أهَمِيَّةَ وِلايَة آل مُحمّدٍ (ص) إلاّ أن يَشآءَ اللهُ هِدايَتَهُم و إسعادَهُم هو أهلُ التَّقويٰ فَيَتّقوهُ و أهلُ المَغفِرَةِ فَيَغفِر لهُم ،

( صَدَقَ اللهُ العَليُّ العَظيم )


نشر في الصفحات 1446-1441 من كتاب تفسير القرآن أهل البيت (ع) المجلد ألثّانی

اشتراک گذاری :

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *